الملاحظ أن هناك عزوفا من القطاع الخاص عن توظيف السعودي، وأن توظف أحد منهم غالباً لا يوفق في عمله، وليس السبب في السعودي ولا كما يشاع بأنه غير نشيط، ولكن هناك سبب يحول دون اقدام أصحاب الأعمال على استقطاب السعوديين ويفضلون عليهم الأجنبي، وسبب آخر هو أن ضعف الراتب لا يشجع السعودي على التمسك بعمله في القطاع الخاص، وأغلبهم يعده محطة انتظار إلى ان يتمكن من الحصول على عمل حكومي أو خاص بمرتب أعلى، ولذلك لن نجده يهتم بعمله لقلة مرتبه وطبيعة عمله. نظام العمل لتوظيف السعودي في القطاع الخاص مقتبس من المعمول به في جمهورية مصر العربية، وهو يعطي صاحب العمل والموظف حق الاختيار والقرار خلال فترة التجريب ومدتها شهران إلى ثلاثة أشهر، وبعدها يكون العقد ملزما ولا يحق لصاحب العمل فصل الموظف حتى لو لم يكن منتجا. البنوك السعودية استثنيت من التزام نظام العمل المشار إليه، واعطيت الحق لفصل الموظف حتى بعد فترة التجريب، والبنوك تعطي الموظف راتبا مجزيا وحوافز مالية عندما يكون متميزاً في انتاجه. لذلك استقطبت نسبة جيدة من السعوديين المؤهلين، وهذا النظام شبيه بالنظام المعمول به في الأردن الذي يوصف بأنه ناجح. تبين من مقابلة بعض أصحاب الأعمال الخاصة ان لهم رغبة في توظيف السعودي، ولديهم استعداد لرفع مرتباتهم، كلما زادت انتاجيتهم. وأشار أحدهم إلى ان السعودي يكون أفضل من الأجنبي حتى لو كان مرتبه مرتفعا؛ لأن الأجنبي يحتاج إلى اقامة وإلى تأمين صحي وغيره. والأهم من ذلك انه لن يكون مؤتمنا أكثر من السعودي، وقد يعود إلى بلاده بعد أن يتقن العمل، ونبدأ بتدريب آخر على عمله، وهذا سيعرقل الانتاج ونوعيته، ولكن السعودي عندما يتقن العمل سيكون عضيدا لك، يمكن الاعتماد عليه بعد الله، وترغيبه بالحوافز، ولا مانع من اعطائه نسبة من الأرباح عن كل عمل يكون سبباً في زيادة انتاجه. أضاف أحد أصحاب الأعمال بقوله: ان ما يحول بيننا وبين توظيف السعودي هو عدم احقيتنا لفصل الموظف غير المنتج، بعد انتهاء مدة التجريب، وذلك يجعل الموظف بتجاهل رؤسائه، وقد يستخف بهم أيضاً، لأنه يضمن بقاءه على رأس العمل مهما كان وضعه، ما دفعنا لعدم تقديم رواتب جيدة، ونقبل بتوظيف السعودي للتماشي مع السعودة، ونقبل بهم ونصرف مرتباتهم حتى ولو بقوا في منازلهم لنحقق المطلوب منا للسعودة فقط. نستنتج من كل ما ورد أعلاه انه يوجد سببان رئيسان يعوقان توظيف السعودي للعمل في القطاع الخاص هما كما يلي: أولاً: نظام العمل المعمول به لتوظيف السعودي في القطاع الخاص يلزم صاحب العمل بعدم فصل الموظف بعد انتهاء فترة التجريب، ولتلافي هذا العائق اقترح ان يعدل النظام ليكون مماثلا للنظام المعمول به في الأردن، الذي يعطي صاحب العمل حق فصل الموظف متى ما أراد بعد أن يعطيه فرصة مدتها شهرين؛ ليتدبر أمره خلالها. على أن يوظف عوضاً عنه سعودي آخر وهو شبيه بما تعمل به البنوك السعودية حالياً. ثانياً: العائق الآخر هو عدم تخصيص مرتب جيد للسعودي في القطاع الخاص، وهذا العائق مرتبط بما قبله في (أولاً) فبعدما يتم تعديل النظام كما هو مقترح في أولاً، فإن صاحب العمل سيقبل برفع مبلغ الراتب الشهري للموظف السعودي، ولابد ان يوضع حد أدنى للرواتب تحكمها المؤهلات والخبرات. أتوقع ان يحد هذا الاجراء من استقدام الأجنبي ويدعم حل مشكلة البطالة؛ لأن القطاع الخاص سيقدم على استقطاب السعوديين للعمل في الوظائف المؤهلين لها، ويخفض من استقدام الأجنبي تبعاً لذلك. لابد من أن يترافق مع الاجراء المشار إليه أعلاه تركيز الدولة على تأهيل السعوديين للعمل في القطاع الخاص، واقترح ان تسند مهمة التأهيل والتدريب إلى معهد الادارة المشهود له بالجودة، ويوسع مجال نشاطه ليشمل اختصاصات أخرى، ويعدل مسماه ليكون معهد الادارة والتدريب لتأهيل الموظف السعودي، ويتم التنسيق بينه ووزارة العمل لتزويده بحاجة القطاع الخاص من تخصص التأهيل والإعداد المطلوب تأهيلهم لمقابلة حاجة سوق العمل.