اليوم بالذات كنت أريد أن أستظرف وأواكب موضة الكوميديا الرمضانية وربما ألحق بركب العالمية وآخذ جائزة ما من جهة ما، وأسرب خبرا يبدأ ب " أول من..." لأن بودي أن أعرف ما هو شعور الشخص أو الإنسان عندما يقترن اسمه بلفظة "أول من.." في زمن ليس فيه أوائل لكن فيه كلمة "حصريا وعلى شاشة.."، لكن عندما بدأت كتابة اسم الزاوية في طرف الورقة وبدلا من أن أكتب "مقال الأربعاء" وجدتني أكتب "مقال الأعصاب"! قد يكون لذلك علاقة بما أقرأه في هذه الأيام عن التفاعلات الحيوية والإرساليات العصبية أو لعل له علاقة بما تفرضه عليك الظروف من مواقف تضغط على أعصابك لدرجة الغليان مما قد يفقدك صوابك ويجعلك تخرج عن طورك وتصبح إنسانا آخر لا تعرفه ولا يمكنك أن تتعرف عليه. انظر إلى نفسك في المرآة وتأملها، ثم اسأل نفسك عن أسباب خطوط الغضب التي جعلت حاجبيك معقودين. او توقف قليلا بعد عودتك من العمل وأنت تدخل بيتك واسأل نفسك لماذا تركت الابتسامة جانبا؟ ولماذا قررت أن تحمل معك كل مشاكل وضغوطات العمل مثلا إلى داخل المنزل؟ اجلس مع أصدقائك على طاولة مقهى مستمعا بليل الرياض أو بحر جدة، أو هدوء الشرقية واسأل نفسك لماذا تصر أن يتحول الحديث إلى تشكّ دائم من مشكلة صغيرة مرت عليك في يومك؟ أو كلمة سمعتها من أحمق لا يعرف كيف يختار كلماته ، أو تصرف لا علاقة له بالأدب صدر من شخص "قليل الأدب"؟ بدلا من أن تستمع بالجلسة وتتحدث عن أمر يسعدك ويسعدهم أو حتى عن آخر حلقة من مسلسلات ما بعد الإفطار؟! قد تلتفت لمن حولك وتقول " متعب أنا" أو قد تتذمر من ضغط العمل قائلا " أعصابي ستنفجر" وقد تشتكي من مشاكل الحياة وتصرفات الآخرين، بينما لو تأملت بهدوء وفكرت في أسباب التعب، لوجدت أن أحدها هو اختلال في تقييمك للأمور، فأنت تغضب من تصرف تافه يصدر من شخص تصادفه أحيانا في ردهة المبنى الذي تعمل به، أو تتضايق من كلمة سمعتها في سياق مئات الكلمات التي اخترت أن لا تسمعها، أو تكتئب من موقف حدث وتعرف أنه سيمر وأنك ستنساه. وفي خضم انشغالك بمشاعرك المتضخمة هذه تنسى أنك تملك مفاتيح الراحة! ببساطة، وأنا سأصرخ في أذني قبل أن أهمس في أذنك وكما يقول الإخوة في مصر:" كبّر دماغك" وقرر أن تشتري راحة بالك ولا تتوقع أن الآخرين سيوفرونها لك!