أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بوزارة الاقتصاد والتخطيط نهاية الأسبوع الماضي النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن في المملكة، الذي تم تنفيذه في شهر جمادى الأولى من هذا العام، حيث كشفت تلك النتائج الأولية للتعداد أن إجمالي عدد سكان المملكة المواطنين والمقيمين بلغ ما يزيد على 27 مليون نسمة، نسبة السعوديين حوالي 69%، بينما نسبة غير السعوديين كانت نحو 31 %، أما عدد المساكن المشغولة بذلك العدد من السكان فكان مقدارها حوالي 4.6 ملايين وحدة سكنية. وكما نعلم أن المملكة قد أجرت أكثر من تعداد للسكان والمساكن منذ أول تعداد رسمي في عام 1394ه، بلغت ثلاثة تعدادات، في كل من عام 1413ه، و 1425ه، والأخير الذي تم هذا العام 1431ه، وقد أوضحت البيانات الأولية عن التعداد ما قبل الأخير، أي الذي جرى قبل ست سنوات من الآن في عام 1425ه أن إجمالي عدد السكان السعوديين وغير السعوديين بلغ في ذلك التعداد نحو 22.6 مليون نسمة، بينما كان إجمالي عدد الوحدات السكنية التي شغلها أولئك السكان هو 3.5 ملايين وحدة سكنية. وحين الرغبة في عقد مقارنة بين التعداد الأخير، الذي كشف عن بياناته آخر الأسبوع الماضي والتعدادات التي سبقته، قد لا يكون موضوعياً أن يقارن بين أول وآخر تعداد في هذا الإطار، لأن البون شاسع بلا شك بين معطيات هذين التعدادين، للفارق الزمني الذي يفصل بينهما، والذي يتجاوز السبعة والثلاثين عاماً، بينما قد يكون كذلك حين يتم استعراض الفارق بين آخر تعداد والذي سبقة في عام 1425ه. انطلاقاً من ذلك يظهر لنا بوضوح مما يمكن ملاحظته واستنتاجه بين تعدادي كل من عام 1431ه وعام 1425ه للسكان والمساكن في المملكة، بناء على المؤشرات الأولية لكل منهما وليس على البيانات التفصيلية التي ليس هنا مكانها، ناهيك عن عدم كشف بيانات التعداد الأخير منها أن النمو في عدد السكان بلغ نحو 19% أو ما معدله 700 ألف نسمة في كل عام خلال السنوات الست الماضية، أو ما يقدر بحوالي 124 ألف أسرة كانت تنشأ سنوياً خلال الفترة التي تفصل بين التعدادين، مقابل هذا النمو في عدد السكان والأسر، كان هناك نمو أعلى منه في عدد المساكن، والذي يتضح من البيانات أنه بلغ نحو 30% أي بمقدار يزيد على الثلث لنسبة النمو في عدد السكان، أو ما يمثل حوالي 180 ألف وحدة سكنية سنوياً خلال الأعوام الست الماضية وهذا يعني أن ما كان يوفر من وحدات سكنية يفوق في الواقع ما كان ينشأ من أسر جديدة كل عام سواء بالنمو في عدد هذه الأسر بالداخل أو ما يهاجر منها إلى المملكة من الخارج، وقد تثير هذه الأرقام والمؤشرات دهشة البعض وتساؤلهم عن كيفية وجود نمو ملاحظ وواضح في عدد المساكن مقارنة بالنمو في عدد السكان والأسر، ومع ذلك نجد بعضاً من تداعيات لمشكلة إسكان في المملكة حالياً، تنعكس بعض مظاهرها في نقص عدد الوحدات السكنية المطروحة للمستفيدين وارتفاع أسعار الوحدات المتاحة منها..!؟، في اعتقادي أن الإجابة على جزء كبير من هذا التساؤل يتم من خلال الرجوع للبيانات التي تشير إلى معدل عدد السكان في الوحدة السكنية، في كل من تاريخي التعدادين، ففي حين نجد أن معدل عدد السكان في الوحدة السكنية بتعداد عام 1425ه هو 6.3 أشخاص/وحدة سكنية، يتضح لنا فيما بعد أن هذا المعدل قد انخفض ليصبح فيما بعد 5.8 أشخاص/ وحدة سكنية في نتائج التعداد الأخير عام 1431ه، وهو ما يوحي بوجود نزعة للاستقلال في سكن منفصل من قبل الأسر الشابة لدينا في المملكة، وعدم رغبتها في الاستمرار بالبقاء والسكن مع الأسرة الأصل التي نشأت منها، تتراكم هذه النزعة على مدى السنوات الماضية فيما يبدو، وبالتالي تشكل عاملاً كبيراً في تزايد الطلب على مزيد من الوحدات السكنية التي تنشدها تلك الشريحة الكبيرة حالياً في مجتمعنا، مما يحتم وضع الحلول المناسبة لتلبية تلك الحاجة أو التقليل من تلك النزعة إن لم يكن الحد منها إن أمكن، وهو ما يعول في معالجته على المتخصصين في مجال التخطيط والتصميم العمراني حين يتولون تشكيل البيئة السكنية في مدننا.