لا ينافس قطاع النفط في الدخل القومي إلا مصدران؛ "الجمارك" و "المديرية العامة للجوازات", ولك أن تتخيل أن ثمانية ملايين مقيم لدينا يدفعون 650 ريالاً قيمة الإقامة السنوية، هذا يعني عائد سنوي 5.2 مليارات ريال (خمسة مليارات ومائتا مليون) فقط من الإقامات، خروج وعودة 200 ريال، إصدار جواز جديد أو تجديده 150 ريالاً، بدل فاقد من إقامات أو رخص عمل برسوم أو نقل كفالة للمرة الأولى 2000 ريال والثانية 4000 ريال والثالثة 6000 ريال، فهي -اللهم لا حسد- بمئات الملايين، وأقدر دخل المديرية العامة للجوازات بما لا يقل عن 7 مليارات ريال سنويا. هذا العائد الضخم والكبير للجوازات ما هو أثره وتأثيره على أداء العمل في إدارة الجوازات بالمناطق؟ في تقديري الشخصي أن لا يوازي الدخل الهائل لها, وقد يقول البعض أن الدخل يتجه لخزينة وزارة المالية وليس لهم من الأمر شيء, ولكن السؤال الآخر هل مسؤولو وكبار مديري الجوازات قاموا بدورهم بما يخص مطالبهم بتطوير عمل إدارة الجوازات التي سأفصلها تباعا؟ من يذهب لإدارة الجوازات بالرياض وهي العاصمة الكبرى والمدينة الرئيسة للمملكة سيصاب بصدمة لا يتوقعها, هل تتصور عزيزي القارئ أن من يعملون بها والتي تقع بطريق الملك فهد بالرياض، أنها بدون مكيفات أو بمعنى أدق بمراوح أو مكيفات أشبه بالصحراوية؟ هل تعرف أن كثيراً من الموظفين يستخدمون مراوح كهربائية أحضروها بأنفسهم, حر شديد داخل الإدارة وهناك موظفون بالمئات يلتزمون بعمل يستمر ما لا يقل عن 7 ساعات، ومراجعون يوميا يقدرون بالآلاف وسط جو حار لا يطاق ليس ليوم أو أسبوع بل أصبح هو الأساس؟ ناهيك عن أخذ البصمة خارج الإدارة، فهي خارج المبنى بمكان يسمى "صندقة" أشبه "بكراج" للسيارات, تغطيها أسقف حديدية لاهبة الحرارة صيفا شديدة البرودة شتاء، والمقيم يقف بالشارع تماما, مثير ما يحدث بهذه الإدارة ناهيك عن ما يحدث ويعرض خارج هذه الإدارة من بيع وشراء، وهي "مثال" لبقية إدارات الجوازات بالمملكة فهذا الأهم والأكثر عملا فماذا عن البقية وسط المدن والهجر. فهل نتصور من الموظف الذي يعمل بإدارة الجوازت بالرياض أن يعمل عملاً حقيقياً, وهو يفتقد إلى بيئة صحية, ومشجعة للعمل, لا تساعد على الإنجاز, ولا تجعل المعنويات مرتفعة, ولا الولاء متحققاً, ولا الانضباط والالتزام منهجاً؟ في هذه الظروف من العمل "الحارة" والعشوائية أجزم أن هذا الذي يحدث هو أفضل وسيلة لكي يتقاعد الموظف في الجوازات أو يطلب نقل أو يبحث عن مكان آخر, خاصة أن المواطن يبحث عن الخدمة بوقت محدد وزمن أسرع, ولكن لا نجد بيئة مناسبة أبدا في هذه الأجواء, وأجزم أن الأعذار جاهزة، وأولها المال رغم وفرته والحمد لله, ولكن أين الخلل؟ ونحن نصب جام غضبنا كمواطنين على موظفي الجوازات الذين لا يجدون بيئة صحيحة وصحية للعمل والإنجاز وسط أجواء حارة تقارب 50 درجة, فهل جرب مسؤولو الجوازات العمل مكان "جندي أو رقيب أو غيره" ويواجه الجمهور لمدة سبع ساعات وسط هذه الأجواء اللاهبة؟ هل جرب المسؤول بإدارة الجوازات الوقوف بالصف لمدة ساعة وساعتين ليستخرج جوازاً أو يستخرج إقامة كمواطن عادي؟ هذا جزء من كل, ولا شيء يتغير، ناهيك عن المطارات حتى أصبحنا "نتشوق" لرؤية ابتسامة موظف الجوازات, التي أصبحت مؤشر رضا الموظف الذي لم يتحقق أو لن يتحقق.. وأقدم نصيحتي لكل من يريد استخراج جواز سفره أن ينتظر لديسمبر أو يكلف معقباً ( وهذه خصوصية سعودية؛ أي المعقب) لينجز عمله مهما كان الثمن, لكن ماذا سيفعل الموظف بإدارة الجوازات؟!