يحمل عنوان الأسطوانة الجديدة "راجعين 2010"، وهي المجموعة السادسة في مسيرته، من بعد "كاسك حبيبي 1987، خيال العمر 2002، كل القصايد 2004، قصر الشوق 2005، أنا والليل 2008"، دلالة رمزية يمكن أن نراها في بعدها النفساني حين تحيل إلى الآباء المضمرين في ذات مروان خوري اللحنية والموسيقية والشعرية أو ما لنا أن نصفه بالشخصية الغنائية. هؤلاء الآباء المضمرون يظهرون بقوة دون أن نأخذ التحليل نحو مفهوم العقد النفسية الفرويدية في "قتل الأب أو التخلص من سطوته" نحو ما تتيحه صور مفاهيم ما بعد الحداثة في الفنون المضادة لمفاهيم الحداثة، من أنها ضد المرجعية، وتفكك الأفكار، وتنتصر للتعددية والتوزع، والتوليف (وهو مضاد للتأليف)، وتحديد الرغبة بدل عرض الشعور. فبمعنى من المعاني يمكن أن نقول أن خوري يستضيف مناخات غنائية من شعرية ولحنية وموسيقية لكل من زكي ناصيف والأخوين رحباني ورميو لحود، وملحم بركات، وزياد الرحباني، وأغاني الحب الفرنسية في السبعينيات لغير الفرنسيين داليدا (الإيطالية – المصرية) وجين مانسون (الأمريكية). وهذه "الاستضافة الغنائية أو الرجوع الغنائي" حالة فنية توليفية تهيمن عليها شخصيته مرات وفي مرات لا نرى إلا الآخرين، ولعل خوري يتمثل الكثير من مزايا نموذج ما بعد الحداثة ويضع شروطها بنفسه عبر هذه الأغنيات المكونة لهذه الأسطوانة الأخيرة. ويمكن أن نضع تخطيطاً عاماً لهذه الأغنيات ومناخاتها الشعرية واللحنية والموسيقية بالتأسيس على محوريتها حول الطابع الأدائي لصوت وإحساس خوري الذي منحها صورتها الحالية: دمج المناخ الرحباني – البركاتي – اللحودي مع شعبوية لبنانوية يضفي عليها الأداء الريفي من مغنين كبار مثل: وديع الصافي ونصري شمس الدين وجوزيف حنا. وهذا تمثل في أغنيتي: "تم النصيب، مش كل من غنى غنية". شعرية الأغنية الواقعية، وهو المناخ الذي قاده زياد الرحباني في مسرحياته وأسطواناته منذ منتصف السبعينيات ومن ثم لحق بتطوير هذه الصورة الغنائية كل من ماجدة الرومي وجوليا بطرس وتانيا صالح وعايدة الأيوبي وفرقة كلنا سوا وزياد سحاب، وهي تفكيك المجاز الشعري وطرح مألوفية الجملة التعبيرية بمباشرتها وركاكتها وانفلاتها، وهذا متمثل في أغنية "وطي صوتك": "رح قلك كلمتين .. كلمتين تنين وطي صوتك ورح بحكي عالهدا.. تا ما يساعدنا حدا وانت تسمعيني..وطي صوتك شو بدك بالصريخ .. شو بدك بالعياط تعي تا نتفاهم أنا وانتي.."