من الخطأ الرؤية للموقف التركي الجيد دون شك على أنه شجاعة سياسية لم يمارسها الخصم العربي ضد تجاوزات إسرائيل وعدوانياتها. الاحتفاء بالموقف التركي أنه يمثل خسارة إسرائيل لدولة مؤثرة جداً في منطقة الشرق الأوسط، وذات انتماء تاريخي مشترك مع العالم العربي، ظل بعيداً عن تطوير علاقات مشتركة، ولعله يستعاد سريعاً بموضوعية علمية ووعي سياسي متطور، لا بشمولية عثمانية رفضها الأتراك، أو انغلاق تطرف ينسب باطلاً إلى الدين. المكسب الذي نرجو أن يتوالى هو تواصل خسارة إسرائيل لمن لا يلتفتون إلى قسوة تجاوزاتها بعيداً عن الشبهات التي تحيط بالموقف الإيراني الذي يستطيع أن يبرهن على صدق ما يدعيه بتحالف واضح مع الدول المؤثرة كالمملكة ومصر بدلاً من دعم تحزبات سرية الانتشار سواء في العالم العربي أو في دول إسلامية أخرى. بالنسبة للتأثير على تصرفات إسرائيل.. المواقف السياسية والاقتصادية لا تقل أهمية عن الحروب العسكرية.. لقد حدث أن قاتلت مصر وسوريا إسرائيل عام 1973م وكادت أن تلحق بها خسائر فادحة، حتى أن أشهر قائد عسكري إسرائيلي آنذاك كاد ينتهي بقواته في سينا إلى دمار إبادة.. لولا تدخل خارجي بترشيده أين يتجه قلب الموقف.. مثل أمريكا، هناك مواقف أوروبية مشابهة.. نعم.. ما هي الفوارق بين مواقف إسرائيل العسكرية ضد الفلسطينيين، ومحاصرتهم، وقتل عائلاتهم في الشوارع والبيوت، وبين تنظيمات القاعدة..؟ كلاهما قاتل وكلاهما يفتقد أي مبرر لعدوانيته، فلماذا تهوَّل صورة النفوذ اليهودي داخل أمريكا وكأنها تدار سياسياً واقتصادياً بواسطة أفكار وتوجهات يهودية من داخلها..؟ هذا غير صحيح.. مبالغ فيه جداً.. فإسرائيل في الحقيقة هي وجود عدواني نازح من دول أوروبية فرضته السياسة الأمريكية ووفرت له كل قدراته.. الشيء نفسه بعض الدول الأوروبية، وبالذات بريطانيا.. هذه المواقف التاريخية يجب أن تكون واردة في الذهنية السياسية العربية.. والفارق بين موقف تركي وادعاءات إيرانية هو مقارنة تحتاج فيها إيران لأن تتجه إلى الدول المعنية فعلاً بالحقوق الفلسطينية.