اختتمت يوم الأربعاء الماضي الموافق 09 يونيو الدورة التاسعة لمجلس الأعمال العربي الروسي والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام. كما أغلق على أثر ذلك معرض المنتجات العربية المصاحب "أرابيا ايكسبو 2010" أبوابه أمام الزائرين الروس- الذين انتهزوا الفرصة لتوطيد العلاقة من المنتجين والمسوقين العرب. وبدون شك فإن من أبرز فعاليات هذا المهرجان الاقتصادي الصيفي الضخم كانت الجلسة المشتركة بين رجال الأعمال السعوديين وصاحبات وأصحاب الأعمال الروس- والتي انعقدت في اليوم الثاني من الدورة. ورغم أن الحاضرين من رجال أعمالنا كانوا يعدون على الأصابع فإن نوعية الحاضرين قد عوضت عن كثرة العدد. وفي الحقيقة فإن الجلسة المشتركة بيننا وبين الجانب الروسي قد أكدت عدة جوانب. فمن الواضح أولاً أن هناك اهتماما بالغا من قبل قطاع الأعمال الروسي بتطوير العلاقة التجارية والاقتصادية مع المملكة. وهذا كان واضحا لكل من استمع لمداخلات الجانب الروسي الذي يمثل المنتمون إليه العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة كمنتجي الطاقة والتقنية والاخشاب والأسمدة ومواد البناء وتنقية المياه وتحليتها وغيرها. من جهة ثانية فإن حضور رجال الأعمال الخليجيين والعرب وعلى رأسهم ممثل أمين عام جامعة الدول العربية لفعاليات هذه الجلسة قد جاء ليؤكد على المكانة الاقتصادية المتميزة التي تتمتع بها المملكة في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك فليس مصادفة أن تلخص القضايا التي تمت مناقشتها في هذه الجلسة مجمل المشاكل التي تعترض تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدان العربية وروسيا. وأول هذه المشاكل وأهمها هو عدم تطور القاعدة الانتاجية الروسية بالشكل الذي يسمح لها بتوسيع حجم التبادل التجاري مع بلدان الشرق الأوسط. فبالرغم من أن روسيا تحث الخطى لتحديث اقتصادها، وتولي في هذا المجال أهمية قصوى لتصنيع المنتجات التكنولوجية المتطورة، فإن نصيب الغاز والنفط ومواد الخام في إجمال الصادرات الروسية لا يزال يحتل مكاناً متميزاً. ومثلما نعلم فإن اللبن لا تتم مبادلته باللبن وإنما بالتمر. ولذلك فإن منطقة الشرق الأوسط التي تنتج وتصدر النفط والغاز في غير حاجة لاستيراد مصادر الطاقة من روسيا والعكس بالعكس. وهذا الواقع عكس نفسه على حجم التبادل التجاري بين روسيا والعالم العربي والذي لم يتعد 10 مليارات دولار في العام الماضي 2009. وللمقارنة فإن حجم التبادل التجاري بين البلدان العربية والصين قد وصل في العام المشار إليه إلى 150 مليار دولار ومع اليابان 170 مليار دولار. أما دول الاتحاد الآوروبي فإن تبادلها التجاري مع البلدان العريية قد وصل عام 2009 إلى 400 مليار دولار. من ناحية أخرى فإن قلة اهتمام قطاع الاعمال الروسي بالجانب التسويقي، واعتماده على الفعاليات الموسمية التي تقيمها الغرفة التجارية الصناعية الروسية للترويج لمنتجاته، قد تكون أحد أسباب ضعف حجم التبادل التجاري بين البلدان العربية وروسيا. فالمنتجون، أي منتجون في العالم، يفترض أن يهتموا بالدعاية لسلعهم طول أيام السنة. فالعديد من المنتجات الروسية الجيدة ما كان لنا أن نسمع عنها لولا هذا المهرجان الاقتصادي. فأين هم المنتجون الروس إذاً عن التسويق لبضائعهم؟ ولكن لماذا نلقي اللوم على قطاع الأعمال الروسي وحده. فمن الواضح ان قطاع الأعمال العربي لم يعط حتى الان لهذا المهرجان، الاقتصادي الذي يعقد كل سنتين، الاهيمة التي يستحقها. إذ بالرغم من الجهود التي بذلها الجانب الروسي لتنظيم هذا المعرض فإن اقبال المنتجين العرب على الترويج لسلعهم فيه كان ضعيفاً. اللهم إذا استثنينا البحرين التي قدمت منها 22 شركة لعرض العديد من منتجاتها في موسكو. ان ضعف التجاوب العربي مع هذا المهرجان الاقتصادي، الذي ترعاه الغرفة التجارية الصناعية الروسية برئاسة يفغيني بريماكوف الذي يثق بأن روسيا سوف تخرج من هذه الأزمة الاقتصادية العالمية أكثر قوة وأكثر تطوراً مما كانت عليه في السابق، من شأنه إذا ما استمر أن يصرف اهتمام روسيا وقطاع أعمالها عن منطقة الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى وبلدان قد لا تكون بالضرورة صديقة لنا وبالتالي يكون حالنا حال من في الصيف ضيعت اللبن.