تستند النتائج والمنجزات ومختلف جوانب الحياة بشكل أساس على المعلومة التي تقود إلى ما يليها من نتائج أو أفعال أو قرارات، ويعد الاهتمام بتوفير مصادرها هدف الدول والمجتمعات، التي تأكدت من أهمية الحصول على المعلومة وامتلاكها، ومن ثم الاستفادة منها وتوظيفها بما يحقق النفع والفائدة لمن يمتلكها. وترتقي درجة أهمية المعلومة، ومستوى الإفادة منها إلى مراتب متقدمة جدا في ظل الثورة المعلوماتية والانفجار المعرفي والتركيز في توظيف التقنية والتحول إلى التطبيقات والتعاملات الالكترونية. وتعد الجامعات الأكثر حاجة لمصادر المعلومات في أرقى أشكال مصادرها لكي تلبي الحاجة التعليمية وتساند العملية التدريسية فيها. وتبرز انطلاقا من ذلك أهمية بناء المكتبة الرقمية لتقتني الكتب ومصادر المعلومات الرقمية، وتتيحها بشكلها الإلكتروني للمستفيدين منها في الجامعات والكليات باعتبارها الشكل الأحدث والأقدر على تقديم مصادر المعلومات الإلكترونية، وإتاحتها على شبكة الانترنت للمستفيدين منها في شتى بقاع الدنيا، بما يحقق لهم سرعة الوصول للمعلومة. وتأتي المكتبة الرقمية السعودية لتحقق للجامعات السعودية النقلة الحقيقية في مفهوم المكتبات الافتراضية، وتنطلق بها إلى فضاء المعلومات وأفق المعرفة في بيئة رقمية، واضحة الأهداف، وسهلة الاستخدام لتجعل المعلومة في متناول الأستاذ والطالب والباحث، في تجاوز حدود المكان والزمان، وبعدد مهول من الكتب العلمية المتخصصة التي نشرت من دور نشر وجهات أكاديمية مرموقة، وهو ما تحرص عليه الدولة أيدها الله ضمن توجهها لإدخال التعاملات الإلكترونية، ونشر الثقافة التقنية. إن وزارة التعليم العالي وهي تنشئ المكتبة الرقمية السعودية بحجمها الضخم تجعل من مسألة الارتقاء بمستوى التعليم الجامعي والبحث العلمي في جامعاتنا السعودية أمرا ميسورا، وهي تتيح في الوقت ذاته الفرصة للجامعات المؤهلة للحصول على مستويات أعلى في مراتب التصنيفات العالمية للجامعات، وتجعل من مسألة التقدم في قائمة الجامعات المرموقة في العالم أمرا ممكنا للجامعات السعودية، بعد أن شهدنا تميز بعض الجامعات السعودية، وحصولها على مراكز جيدة في التصنيف العالمي مثل جامعة الملك سعود. إن المكتبة الرقمية السعودية بالشكل الذي أعد لها أن تكون عليه، تعد واحدة من أهم المكتسبات الوطنية التي ستقود إلى مزيد من العلم والمعرفة، وستكون رافدا مهما للعملية التعليمية في الجامعات السعودية، ومحركا لحركة التأليف والترجمة في مجالات الكتب الأكاديمية والثقافية، كما يعتقد أنها ستؤثر في حركة البحث العلمي في الجامعات السعودية، وستبقى خدمات المكتبة الرقمية دون مستوى تطلعات المسؤولين والمهتمين، ما لم يواكب ذلك تدريب على استخدامها والبحث فيها من قبل عمادات المكتبات والبحث العلمي والتعلم الإلكتروني وتطوير المهارات في الجامعات السعودية، لكي يكون الاستخدام بالحجم الذي نرنو إليه، كما أن المرحلة الأولى من إطلاق خدمات المكتبة الرقمية قد لا يشاهد فيها إقبال كبير من منسوبي الجامعات على استخدام المكتبة والبحث في كنوزها، وهو أمر طبيعي في البداية، ولكن المتوقع أن تتحسن الأمور وتزداد نسبة الاستخدام من قبل المستفيدين في جامعاتنا بشكل متسارع انسجاما مع توجه وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية لتفعيل استخدام التقنية ونشر ثقافة البحث العلمي بشكل أكبر ما هي عليه ما سيزيد من نسبة مرتادي المكتبة الرقمية السعودية والاستفادة منها.