ضمن سلسلة الندوات الشهرية (لتعزيز الوسطية) التي ينظمها ويقيمها فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة الجوف برعاية من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف. أقيمت الندوة الثانية بمركز الأمير عبدالإله الحضاري بمدينة سكاكا تحت عنوان (الغلو – الجذور والمنابع) وكان المشاركون فيها فضيلة الشيخ الدكتور محمد أحمد النجيمي الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء وفضيلة رئيس المحكمة الجزئية بسكاكا الشيخ سعد بن لطيف العنزي. وبعد أن تم تقديم ضيفي اللقاء من قبل مدير الندوة الشيخ عبيد بن عبدالله الجلال مساعد مدير فرع الوزارة بمنطقة الجوف والذي بين أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة الندوات الشهرية التي يقيمها الفرع لتعزيز الوسطية. حيث ألقى الدكتور النجيمي محاضرته والتي استهلها بتدشين موقع الندوة ثم نوه بجهود وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في مجال تعزيز الوسطية وجهود فرع الوزارة، ودعم سمو أمير منطقة الجوف لهذه الجهود. وقال النجيمي إن موضوع الغلو يعتبر من المواضيع الخطيرة مستشهداً بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..)، وقال الشيخ النجيمي إن المقصود في قوله فاقتلوهم أن ذلك بيد ولي الأمر فقط وهذا يعني لخطورتهم، فهم يخططون لنسف منشآت ومنافع وحقول نفط يستفيد منها العالم بأكمله وليست بلادنا فقط موضحاً أن هنا تأتي خطورة الغلو والذي هو مجاوزة الحد، والحد هو النصُّ الشرعي، كلام الله عزَّ وجلَّ، وما صح من كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وأضاف أن الغلو يأتي بمعنى التشدد والتعسر حيث ورد في القرآن الكريم لقوله تعالى (لا تغلوا في دينكم). وحذر الدكتور النجيمي من الخوارج وهم التكفيريون كمن ينتمون للقاعدة فهم من الخوارج ويكفرون الناس بالمعاصي، مضيفاً أنهم يعملون بعمل الخوارج غلا انهم عندما تناقشهم بذلك لا يعترفون به. أما الشيخ سعد بن لطيف العنزي فبين أن من مظاهر الغلو في الدين السائدة في العصر الحاضر تكفير المسلمين واتهامهم بالفسوق والعصيان بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير. وبين الشيخ أنواع التكفير ومظاهر الغلو في الولاء والبراء والخروج على جماعة المسلمين وإمامهم، ومظاهر الغلو في الأحكام، ومظاهر الغلو في التعصب، ومظاهر الغلو في الخلاق والتعامل مع الآخرين، والطعن في العلماء، وسوء الظن. وبين الشيخ العنزي أن من أسباب الغلو ضعف البنية العلمية والفكرية وهشاشة الفكر وقصر النظر وسوء فهم نصوص القرآن والسنه وسوء تنزيلها وتطبيق أحكامها في حياة الناس والجرأة على الإفتاء وإبداء الرأي الشرعي دون مؤهلات كافية. وأضاف الشيخ العنزي أن من أسباب الغلو أيضاً الجهل بالسياسة الشرعية والجهل بفقه الموازنات، والجهل بالواقع وظروفه وأبعاده واستعجال النتائج، وشيوع الفساد العقدي والانحلال الأخلاقي، وتغييب دور العلماء، والتآمر الدولي والعالمي على الإسلام، واستثارة الشباب وتضليل أفكارهم بانتقاء النصوص من الجهاد والتكفير، والغزو الإعلامي والفكري. وحذر من ظاهرة موجودة بوسائل الإعلام وهي التهوين من مكانة العلماء، موضحاً أن هذه الظاهرة تعتبر كارثة لكوننا نقول للشباب عودوا للعلماء، والعلاج يكمن بأن يعود شبابنا للعلماء. وأضاف أن من طرق علاج الغلو أن تقوم الأسرة بواجبها وأن يقوم التربويون والخطباء والأئمة بدورهم، والإيضاح للناس بمشاكل الشباب وطرح بعض الفتوى بأسلوب سهل ومبسط، وتطرق إلى الولاء والبراء وأن أهل السنة لا يخرجون على الحكام إلا إذا رأوا منهم كفراً بواح، وطرق إنكار المنكر. وفي نهاية الندوة فتح باب الحوار والمداخلات وقد أعرب الشيخ علي بن سالم العبدلي عن شكره للمشاركين في الندوة متمنين أن تحقق أهدافها والتي منها تأصيل فقه الانتماء والمواطنة من الناحية الشرعية، وغرس حب الوطن والانتماء اليه وتأصيل ذلك شرعاً، والرد على الشبهات التي تثار حول الانتماء والمواطنة لبلادنا، وتفعيل دور الأئمة والخطباء والدعاة للقيام بواجبهم في بيان أهمية الانتماء والمواطنة لبلادهم التي تضم قبلة المسلمين وتحكم كتاب الله.