بسم الله والصلاة والسلام على خير من ربّى وعلّم نبينا محمد بن عبدالله ، أما بعد فالقيادة نشاط إنساني أزلي، قديم قدم الإنسان نفسه ، فكل تجمع بشري قلّ أو كثر يحتاج إلى قيادة توجه نشاطه وترشد ممارساته وتحفزه لتحقيق الأهداف المشتركة،كما أن القيادة مطلب شرعي دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة ، قال الله تعالى في محكم التنزيل (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف آية 55) ،وقال عز من قائل (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (القصص آية 26) ،وقال صلى الله عليه وسلم (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا عليهم أحدهم ).وتعد القيادة هي مفتاح النجاح في أي عمل ، يقول John C. Maxwell"كل شيء يتوقف على القيادة ،وتتغير المؤسسة عندما يتغير القائد"؛ولما كانت القيادة بهذه الأهمية ،فإن هذا المقال سيتطرق إلى اتجاه جديد في القيادة هو القيادة التحويلية التي عرفها Burns بأنها عملية يسعى من خلالها القائد والتابعون إلى النهوض بالآخر للوصول إلى أعلى مستويات الدافعية والأخلاق،وعرفها bass بأنها القيادة التي تركز على إعادة ترتيب احتياجات التابعين حسب أهميتها، وليس فقط تلبية الاحتياجات الحالية ،وإنما توجيه الاهتمام بالاحتياجات التي تأتي في أعلى درجات الأهمية ،وهي تتطلب مستويات عالية من أعمال التفكير العقلي والتضحيات، ومشاركة التابعين في تحقيق الأهداف المهمة و القيم المشتركة،كما عرفها الهواري بأنها القيادة التي تحقق نتائج أبعد مما كان متصوراً وأبعد مما كان متوقعاً ،فهي تسعى إلى إحداث نقلة نوعية متكاملة في القيم والقناعات والتوجهات والرؤى والأهداف،وتعتمد في هذا على التغيير الحقيقي والإبداع والمخاطرة البنائية ،وهي قادرة على برمجة الأنشطة والناس في التغيير الشامل المتكامل ،ومن هنا جاءت كلمة(تحويل)،والقيادة التحويلية تؤول في النهاية إلى قيادة أخلاقية من حيث انها ترفع مستوى السلوك الإنساني والقيم الأخلاقية لكل من القائد والتابع ويكون لها تأثير تحويلي على كليهما ،وهي قيادة ديناميكية ،بمعنى أن القادة يرتبطون مع التابعين بعلاقة تجعل من الآخرين يشعرون بأنهم أكثر سمواً وارتفاعاً من خلالها،وغالباً ما يصبحون هم أنفسهم أكثر نشاطاً وفعاليةً،وبهذا يستقطبون كوادر جديدة من القادة.ويتم تحول القادة إلى وكلاء قيم وأخلاق.. ويعود الفضل في تطبيق القيادة التحويلية في التربية إلى أعمال Sergiovanni. التي امتدت من 1984م 1990م ،وقد وصف Hallinger التغيير في دور مدير المدرسة من الإداري إلى المعلم ثم إلى المحول،ففي بداية الثمانينات ظهر نمط القيادة التعليمي كميزة من مميزات المدارس الفعالة،حيث القيادة الإدارية القوية مع التركيز على نوعية التعليم والتوقعات العالية لتحصيل وتقدم الطلبة ثم تطور هذا النمط إلى أن أصبح القائد يعمل بشكل أقل توجيها ً وأكثر تعاونا مع المعلمين وهذا ما دعاه Burns بالقيادة التحويلية ، وهذا النوع الجديد من القيادة حصل على الكثير من قوته من خلال التأكيد على مشاركة المعلمين بالقيم وبناء ولاء طبيعي للعمل وللمدرسة ، حيث ركزوا على تكوين ثقافة خاصة للمدرسة وكان من سماتها تفويض السلطة للمعلمين حيث تعتبر هذه العملية هامة جدا ً ، وقد أثبتت الدراسات بالفعل أن هذا النوع من القيادة يزيد من دافعية وولاء المعلمين لعملهم ، وأثبتت أيضا أن هذا النوع له فعالية أكثر في توفير البيئة المناسبة للمعلمين للتطوير والإبداع واستخدام التقنية في التعليم .وللمقال بقية.