في محاولة منه لتهدئة الجبهة الاجتماعية المتأرجحة منذ الثلاث سنوات الأخيرة بين فترات اشتعال و خمود أطلق الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مخصصات مالية خيالية تزيد على 20 ألف مليار دينار جزائري، اتفقت أمس تعاليق خبراء الاقتصاد على أنها الأهم والأعلى منذ استقلال الجزائر العام 1962 وهذا دون اللجوء إلى المديونية الخارجية. وتأتي المخصصات المالية الجديدة التي تم الإعلان عنها في ختام آخر اجتماع للوزراء ترأسه بوتفليقة الاثنين في وقت لم يتوقف الرئيس الجزائري منذ وصوله السلطة العام 1999 عن توبيخ علني للوزراء الذين تعاقبوا على الجهاز التنفيذي طيلة فتراته الرئاسية الثلاثة متهما إياهم بالأخص أولئك الذين يقودون القطاعات الحيوية ذات الصلة بالسكن والصحة والأشغال العامة والاستثمارات المحلية ب "التماطل" في تنفيذ خططه التنموية وبرامج الإنعاش الاقتصادي بل "الكذب عليه" و "التحايل على الحقيقة" في التقارير التي كانت تصل مكتبه رغم الأغلفة المالية الضخمة التي كان يقتطعها من الخزينة المالية التي استفادت من ارتفاع أسعار البترول التي تشكل عائدات ما نسبته 98 % من صادرات البلاد. كما تأتي المخصصات المالية الرابعة من نوعها منذ تلك التي تم إقرارها العام 2003 ضمن ما يعرف ب " برنامج دعم الإنعاش الاقتصادي" وضخّ فيها الرئيس بوتفليقة ما قدره 150 مليار دينار جزائري أعقبتها مخصصات مالية أخرى ضمن برنامج آخر للدعم ( 2004/2009 ) خاص بالولايات الداخلية والفقيرة ، ومن بعده برنامج تمويل المخطط الخماسي ( 2009-2014) الذي رصدت له الدولة مبلغ 150 مليار دولار أيضا ، وأخيرا برنامج الاستثمار العمومي الذي يمتد من 2010/2014 و خصص له مبلغ 21.214 مليار دينار أي ما يعادل ( 286 مليار دولار ). وكان البرلمان الجزائري شهد قبل أقل من أسبوعين ضجة داخلية أثارها نواب يحسبون على الحزب السياسي البربري المعارض "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (الأرسيدي) الذين طالبوا حكومة أحمد أويحي في جلسة للمساءلة بتبرير "دوافع مضاعفة" رقم الأموال المرصودة للبرنامج التنموي الخماسي الحالي من 150 مليار دولار إلى 280 مليار دولار. وما يزال الرئيس بوتفليقة يواجه التحدي الكبير الذي يطمح في مغالبته قبل انتهاء فترته الرئاسية الثالثة العام 2014 ويتعلق الأمر بأزمة الإسكان المتفاقمة في الجزائر. وقال بوتفليقة في البيان الذي أعقب اجتماع مجلس الوزراء ان الأموال التي ضخها في برنامجه لدعم النمو "هو تجسيد للوعود التي التزم بها أمام الجزائريين في فبراير 2009 لدعم أشواط التنمية التي شرع فيها منذ العشر سنوات الأخيرة".