الصفقة أكثر من رائعة.. فالفيلا لا يتجاوز سعرها السوقي حاجز المليون وسبعمائة ألف ريال.. لكن العرض المقدّم ل (خ) بأكثر من مليونين ومائتي ألف ريال.. كان مغرياً.. حد الموافقة الفورية.. وتحديد موعد لدى كاتب العدل قريباً.. بدون عربون.. فالعقار لن يفرغ إلا بشيك مصدّق يبعث الطمأنينة في النفس. لدى كاتب العدل .. حيث اجتمع البائع والمشتري لم يكن هناك ما يريب في الشيك المصدّق والمستوفي لكل شروط وأركان الشيك فضلاً عن الأختام الجانبية لأصحاب الصلاحية المصرفية والتي تثبت ملاءة مصدر الشيك.. لكن.. وحينما تم الإفراغ.. وريثما تمت المقاصة.. تفاجأ (خ) بالأمر.. أقام القضية مسرعاً أمام المحكمة المختصة.. وعند البحث والتقصي وجد أن أمامه مشواراً قضائياً طويلاً فالمشتري باع الفيلا من فوره لآخر.. والدعوى تقام على من بيده العين..! يعتبر الشيك صكاً مكتوباً وفق شكل معين بشروط ومواصفات محددة بدقة يتضمن أمراً صادراً من الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين لشخص ثالث مستفيد يستحق بمجرد الاطلاع.. حيث اعتبره القانون أداة وفاء لا ائتمان. ولكي يكون الشيك صحيحاً كأداة للوفاء فلا بد من شروط شكلية وموضوعية: من تضمين توقيع الساحب وتاريخ إنشائه للشيك وتضمين اسم المستفيد بصيغة الأمر واسم البنك المسحوب عليه فضلاً عن الأمر بالدفع بمجرد الاطلاع وتأريخ استحقاق الشيك. ما يعنينا من هذا السرد المقدمي للشيك كأداة اقتصادية هامة لا يكاد يستغنى عنها.. هو ما تم مؤخراً من بدء عمليات التزوير والاحتيال للشيكات المصدّقة والتي هي قوام التعاملات التجارية.. فالشيك المصدق: والذي هو شيك شخصي يتضمن مصادقة البنك على صحة توقيع الساحب ووجود رصيد كاف في حسابه للوفاء بقيمة ذلك الشيك للمستفيد.. بدأت مكانته تهتز لما يتعرض من حملات منظمّة من عصابات أو أفراد يتقنون تزويره حد الكمال مما ينذر بالخطر.. وإذا كانت عملية تزوير الشيكات تتم أحياناً بشكل كلي أو جزئي.. فإن التزوير الواقع على الشيكات المصدقة يكون متقناً لجميع بيانات الشيك بما فيها توقيع العميل وتذييلها بالتوقيع المنسوب صدوره للعميل الساحب صاحب الشيك. ومع الأسف الشديد بأن هذه العمليات تتم في ظل وجود نظام مكافحة التزوير الصادر في عام 1382 ه والذي نص في المادة الرابعة منه على أن: (من.. قلد أو زور الأوراق الخاصة بالمصارف أو سندات الشركات سواء كانت المصارف أو الشركات سعودية أو أجنبية.. عوقب بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات وبغرامة تتراوح من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف ريال). باعتقادي أن الحل ربما يكمن في عدد من النقاط: - إخضاع قانون مكافحة التزوير لآلية مراجعة جديدة تضمن تشديد العقوبة في حالات الإجرام المتقن ومنها تزوير الشيكات واستغلال الموظف لعمله الحكومي في العملية التزويرية. - وضع مدة حظر في حالات انتقال العقار لا تتجاوز 3 أيام عمل يضمن خلالها البائع وجود رصيد يغطي قيمة الصفقة.. فإن لم يكن قدّم اعتراضاً أمام كاتب العدل والذي يحيلها للمحكمة العامة كدعوى منظورة والبائع ما زال ملكه للعقار مستقراً. إن استمرار الوضع الحالي دون نظر قانوني.. سيجعل هيئة كبار العلماء تعيد النظر في تفريقها المفصّل بين الشيك المصدق والشيك غير المصدق، عندما اعتبرت تسلم الشيك المصدق في معنى القبض لمحتواه، بينما تسلم الشيك غير المصدق ليس في معنى القبض لمحتواه..! * قانوني