قال صاحبي إنه لاحظ ارتفاع درجة الاهتمام بالمظاهر في المجتمع العربي وتأثيرها على التعاملات بين الناس وعلى العلاقات الرسمية وغير الرسمية. يقول إنك تستطيع بنوع ملابسك أن تتصدر المجلس في المناسبات الاجتماعية، وأن تكون قي الصفوف الأولى في المناسبات الرسمية. وأردت أن أزيده من الشعر بيتاً فذكرت له أن سيطرة المظاهر انتقلت من الآباء والأمهات إلى أبنائهم وبناتهم فظهرت بعض السلوكيات التي يمكن ملاحظتها في المدارس والمناسبات الاجتماعية. في المدارس يصل الأمر إلى أن الطالب يفضل السائق الأجنبي في توصيله إلى المدرسة، وعودته منها حتى لو كان بإمكان والده أن يقوم بالمهمه مع أن السائق قد يكون ضروريا لبعض العائلات لكنه ترف لدى عائلات أخرى. أما نوع السيارة التي ستوصل الطالب إلى المدرسة فهي قضية أخرى ويجب أن تقترض العائلة لتأمين سيارة لائقة. العاملة المنزلية أصبحت ضرورة لكثير من العائلات لكن تأثير المظاهر أدى إلى زيادة عدد العاملات في المنازل وأصبح وجود عاملة واحدة فقط مدعاة للشعور بالنقص. الأسوأ في قضية المظاهر هي إصدار الأحكام على الناس من خلال المظهر وليس الجوهر وتصنيفهم بحسب ما يلبسون، وإلى أين يسافرون، وماذا يأكلون، وأين يتسوقون، وما نوع سياراتهم، وأين يسكنون..الخ ولا شك أن ظاهرة المظاهر لها أسباب تربوية واجتماعية كما أن لها آثارا نفسية واقتصادية فقد يضطر الشخص إلى الاقتراض من أجل شراء سيارة غالية الثمن تفوق قدراته المادية حتى يستطيع أن يستخدمها واسطة للتكييف مع مجتمع المظاهر. كما تلجأ بعض الأسر إلى استقدام عاملة منزلية إضافية دون حاجة إلى ذلك وإنما بدافع التقليد.أما حفلات الزواج فما أكثر الذين يسرفون في تكاليفها رغم قدراتهم المالية المحدودة. إن الحديث عن هذه الظاهره لابد أن يقودنا لتسليط الضوء على البيت والمدرسة فالطفل لا يولد محباً للمظاهر ولكنه يكتسب هذا السلوك في البيت وفي المدرسة. إن صفة الكرم التي تعلمناها في المدارس لا تعني الإسراف والمبالغة في إقامة الولائم ثم رمي الفائض في سلات النفايات مع وجود عائلات وأفراد في المجتمع غير قادرين على تأمين لقمة العيش دون مساعدة الآخرين. الكرم صفة حميدة، قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره). وفي المجتمع المسلم يتعدى بعض المسلمين حدود الكرم إلى الإسراف والمبالغة في إعداد الولائم والحفلات بدافع التفاخر. هناك من قال " ليس الجود العطاء بسخاء بل بحكمة" وليت جزءاً من تكلفة الولائم والحفلات توجه نحو بناء المدارس والمستشفيات. وليتنا نتصدى لظاهرة المظاهر أولا عن طريق مبدأ القدوة، ثم عن طريق الأساليب التربوية الحديثة التي تركز على بناء الشخصية، وعلى المنجز، والمعاييرالموضوعية التي لا تخضع لتأثير الملابس والألقاب. لا تقل لي ماذا تلبس، أو ماذا تركب، أو ماذا تأكل، أو ماهو نوع هاتفك الجوال، أو أين أقمت حفلة زواجك، وأين قضيت شهر العسل..الخ، لا تقل لي كل ما سبق حتى أقول لك من أنت، بل قل لي ماذا تفعل وماهي خططك، وماهي إنجازاتك؟ بشرط أن لا يكون من ضمن هذه الإنجازات شراء رقم مميز لسيارتك أو لهاتفك! لا تخبرني برقمك المميز بل اخبرني عن إنجازك المميز، وعندها استطيع أن أقول من أنت.