لم يتعرض إداري في نادي الاتحاد لحرب خفية تارة ومعلنة تارة أخرى؛ بغية تشتيت ذهنه، وعرقلته في مشواره، إلى حد بلغ مرحلة تشويه السمعة، بأساليب إعلامية رخيصة حيناً، وبمخططات محبوكة في الغرف المظلمة حيناً آخر كما تعرض مدير الفريق الحالي حمد الصنيع، غير أن كل ذلك لم يفت من عزيمته، ولم يقوض جموحه ليقود (النمور) بعقلية الإداري الناضج، وبحس الخبير المتمرس لتحقيق أغلى الألقاب في الموسم إذ ظفر الفريق بكأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال. الصنيع الذي حقق مع الاتحاد البطولات أشكالا وأنواعاً لم ينزل على الاتحاد فجأة ب(برشوت)، ولم يدخل بوابته بتوصية من قريب نافذ، ولا بدعم مسؤول متنفذ، كما هو حال الكثيرين، وإنما دخل لساحة (العميد) من أوسع أبوابها، فهو ذاك الناشئ الذي ارتدى القميص (المُقلَّم) بالأصفر والأسود وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره حينما صادق المدرب الألماني ثيو بوكير على موهبته ليضمه لفريق فئة الشباب بالنادي في العام 1987 مع الفريق الذي شكل لاحقاً نواة الفريق الأول الذي حقق (ثلاثية القرن) في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي حيث عاصر آنذاك لاعبين كمحمد الخليوي ورمزي موسى وسالم سويد وفايز الشمراني. وما أن اطل الصنيع الذي كان يلعب في خانة الظهير الأيمن بوجهه على كتيبة النمور الكبرى حينما تم تصعيده للفريق الأول في العام 1990 حتى كان بمثابة وجه السعد إذ حقق الفريق بعد موسم واحد فقط بطولة كأس ولي العهد من أمام النصر في المباراة التي حسمت بضربات الترجيح، واستمر مع الفريق قرابة سبعة مواسم تدرب خلالها على يد مدربين معروفين كالألمانيين بوكير وبونتيك والمصريين طه بصري وأنور سلامة وغيرهم، وذلك قبل ان يقرر مغادرة المستطيل الأخضر ليتفرغ لدراسته حيث كان يدرس في جامعة الملك عبدالعزيز متخصصاً في إدارة الأعمال الدولية. لم يطل ابتعاد الصنيع عن عشقه، إذ سرعان ما عاد له مجدداً لكن هذه المرة من بوابة العمل الإداري حيث استدعاه الرئيس السابق احمد مسعود للإشراف على فريق الناشيئن في العام 1999 والذي كان يضم مواهب لافتة كمناف أبو شقير ومحمد أمين حيدر وطارق المولد ليكون التوفيق حليفه بتحقيق بطولة الدوري في ذلك العام. وبدأت المواهب الإدارية لدى الشاب حمد تتفتق ما أنبأ عن مقدم إداري فذ متسلح بالخبرة الفنية، وبالدراسة الأكاديمية، وبالتجربة المهنية، فبادر رئيس الاتحاد السابق منصور البلوي بطلبه ليعمل مديراً للفريق الأول في العام 2003 ليواصل مع الفريق الذي بدأ يهيمن على البطولات رحلة الانجازات المظفرة إذ حقق تحت قيادته بطولة كأس ولي العهد ودوري أبطال آسيا مرتين ودوري أبطال العرب، وهي البطولة التي حققها الاتحاد لأول مرة في تاريخه، فضلا عن التأهل لكأس العالم للأندية التي جرت في اليابان عام 2004، ليختم مشواره مع الفريق في العام 2007 لينتقل لمضمار آخر في مشوار نجاحاته حيث اختير عضواً في لجنة المسابقات في الاتحاد السعودي لكرة القدم، ومراقباً في الاتحاد الآسيوي. وبعد ابتعاد لثلاثة مواسم متتالية دخل الاتحاد فيها دهاليز المشاكل الإدارية والإعلامية عاد الصنيع هذا الموسم بعد ان تم الاستنجاد به وسط حرب ضروس شنت على إدارة النادي برئاسة الدكتور خالد المرزوقي ولم توفر الصنيع الذي قبل المهمة الصعبة، ليخوض أشرس معركة في تاريخه الرياضي ليفوز في نهاية المطاف على محاربيه بالضربة القضية حينما نجح في قيادة الفريق لتحقيق كأس الملك. ولم تسرق نشوة الفوز، ولا كبرياء الانتصار من الصنيع فضيلة الاعتراف بالفضل لمن دعموه ووقفوا إلى جانبه خاصة العضو الداعم الشيخ عبدالمحسن آل الشيخ، ومشرف الفريق محمد الباز ورئيس النادي الدكتور المرزوقي. وإذ ينسى الصنيع فلا ينسى زوجته (أم حنين) وابنتيه (حنين 13 عاماً) و (رهف 12عاماً) إذ يؤكد بأنهم تحملوا الكثير في سبيل نجاحاته، معتبراً زوجته السر الحقيقي لنجاحاته إذ ضحت كما يقول كثيراً وتحملت مشاقاً أكثر، معرجاً في الوقت نفسه على خاله عبدالله الهويش الذي يعتبر مفتاح نجاحاته العملية.