يمر الاقتصاد السعودي حالياً وسط فترة من النمو المستدام، الأمر الذي يستدل عليه من فتح الاقتصاد أبوابه للاستثمار الأجنبي. ووفقاً لتقدير غير رسمي، وعلاوة على معدل نمو ايجابي، شهدت السعودية أيضاً ارتفاعاً نسبته 50% في الصادرات النفطية وتم الترحيب بها بحرارة في منظمة التجارة العالمية. وتمتلك السعودية حوالي ربع الاحتياطي العالمي من النفط، وتشكل قرابة ثلث إنتاج أوبيك من النفط ونسبة 12% تقريباً من إجمالي العرض العالمي. وباعتبار السعودية ثاني أكبر منتج للنفط الخام وأكبر مصدر له في العالم، فقد جنت فوائد ارتفاع أسعار النفط أكثر من أي بلد آخر. وقد يبدو من المفارقة أن الحكومة تبنت سياسة تحرير الاقتصاد وتنويعه وسط الطفرة النفطية، ولكن بعد أن شهدت السعودية دورة طفرة وهبوط في السبعينيات والثمانينيات، أخذت تهتم الآن بحماية اقتصادها من تذبذب أسعار النفط. هذا، ويعتقد أن السوق العقارية مستقرة. ذلك أن الطلب الذي يقوم بصورة رئيسية على نمو السكان وتنويع الاقتصاد المقترن بالمشاريع الضخمة كمشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، برهن على أن فيه استدامة. وتعتبر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية واحدة من ست مدن اقتصادية جديدة يجري التخطيط لإنشائها، وسوف تضم خليطاً من المباني السكنية والتجارية والصناعية. وسيتم تصميم هذه المدن من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص وستكون مكتفية ذاتياً. وستقام هذه المدن في رابغ، والمدينةالمنورة، وتبوك، وجيزان، وحائل وسوف يستغرق انجازها 30 سنة تقريباً. ولكل مدينة طابعها المميز بهدف دفع النمو الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، سوف تركز مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على انشاء ميناء رئيسي، مع التركيز كذلك على الخدمات اللوجستية والصناعات الخفيفة والخدمات. أما مدينة اقتصاد المعرفة في المدينةالمنورة، فسوف تركز من ناحية أخرى على الصناعات القائمة على المعرفة. ومن بين عوامل دفع الطلب على العقار مستويات السيولة العالية التي تنبع من ايرادات النفط السخية، وتفضيل الاستثمار في الأسواق المحلية وانخفاض أسعار الفائدة وزيادة القروض البنكية. ويشهد استخدام القروض لتمويل عمليات شراء المباني والعقار ارتفاعاً بما ينسجم مع التوجهات الإقليمية. وقد قدم القطاع المصرفي قروضاً بلغت 22,2 مليار ريال سعودي(5,95 مليارات دولار) في الربع الأول من عام 2005 مقارنة مع ملياري ريال (535,7 مليون دولار) في الفترة نفسها من عام 1998. ويضاف إلى ذلك أن أعمار 70% من سكان المملكة تقل عن 30 سنة، ولذلك لن ينخفض الطلب على المساكن في المستقبل القريب. وتعتبر تكاليف البناء مستقرة نسبياً وفقاً للمعايير الخليجية، حيث ارتفعت بنسبة 25% تقريباً في السنتين الماضيتين. وتعزى هذه القفزة إلى ديناميكيات العرض والطلب وإلى حقيقة أن غالبية الاستثمارات تتركز في العقارات والانشاءات. أما تكاليف البناء بالنسبة للمساحات المكتبية من الدرجة الثانية فتتراوح حول 400 دولار للمتر المربع. وتبلغ تكاليف انشاء المباني السكنية 295 دولاراً للمتر المربع ولمساحات التجزئة 400 دولار للمتر المربع. وقد ارتفعت تكاليف الأراضي بمتوسط قدره 16,5% فيما بين عامي 2002 و 2005. ونظراً للقوانين المعدة بعناية والتي تحد من شراء العقارات من قبل الأجانب الذين يستطيعون الادعاء بأن لهم مصلحة مباشرة في البلد أو القادرين على استثمار مبلغ لا يقل عن 8 ملايين دولار، اتسمت السوق بالاستقرار ولا تشهد إلا قليلاً من عمليات المضاربة. ومنذ عام 2000، أصبح المقيمون غير السعوديين قادرين على امتلاك سكن خاص بعد الحصول على إذن من وزارة الداخلية. وإضافة إلى ذلك، فإنه يسمح لهم بتملك الأراضي المخصصة لإسكان الموظفين التابعين لهم. ولكن مكةوالمدينة مستثناتان من ذلك ومقصورتان على المسلمين فقط. إن تركز الإنشاءات في المدن فاقم من مشكلة الهجرة من الريف إلى المدن، وتكافح البنى التحتية في المدن حالياً لمواكبة احتياجات السكان وطلباتهم. ونتيجة لذلك، تم إطلاق عدد من مشاريع البنية التحتية الكبرى. وسوف تستفيد مدينة الرياض وحدها من استثمارات جديدة تقدر قيمتها بحوالي 37,33 مليار دولار بحلول عام 2010. القطاع السكني يبلغ عدد سكان المملكة العربية السعودية حوالي 24 مليون نسمة بمعدل نمو سنوي قدره 2,5% في المتوسط. وتقدر الأممالمتحدة بان عدد السكان يمكن أن يتضاعف بحلول عام 2050 بسبب استمرار تدفق المقيمين الأجانب. ويشكل الأجانب نسبة 27% من السكان والسعوديون 73%، ويأتي أغلب الأجانب من بلدان جنوب شرق آسيا. وكما ذكرنا من قبل، تقل أعمار 70% من السعوديين عن 30 عاماً. وهذه الإحصائية تبين إمكانية الطلب التي ينطوي عليها القطاع السكني. ويرتبط قرابة 75% من جميع أعمال الإنشاءات بسوق الإسكان. ويقدر المحللون أن 65% من السعوديين لا يمتلكون بيوتهم الخاصة؛ وقد زاد متوسط أسعار المساكن بنسبة 13.7% سنوياً في الفترة من 2002 إلى 2005، وكان نمو البناء يفوق نمو الناتج المحلي الإجمالي باستمرار. ففي عام 2004، على سبيل المثال، نما قطاع الإنشاءات بنسبة 7,5% بينما نما الاقتصاد بنسبة 5,2%. وتشكل المساكن نسبة 91% من أعمال البناء الجديدة و 75% من مجمل النشاط العقاري. وتظهر الأبحاث التي أجرتها مجموعة سامبا أن القيمة الإجمالية لأعمال الإنشاء سوف تصل إلى 129,65 مليار دولار بحلول عام 2010، وستكون هناك حاجة لما مجموعه 2,62 مليون وحدة سكنية جديدة لسد الطلب المحلي بحلول عام 2020. وسيتم الانتهاء من الوحدات بمعدل 163,750 وحدة في السنة، وبحلول عام 2020، يمكن أن يصل إجمالي الاستثمار الجديد في الاسكان 321,5 مليار دولار. وخلافاً لدول الخليج الأخرى التي يكون الطلب فيها مدفوعاً بالاستثمار الأجنبي، فإن الجزء الأكبر من النمو في قطاع العقار في السنوات المقبلة سوف يكون نابعاً من أبناء البلد. فالطلب ينمو بسرعة، وتقدر وزارة التجارة أنه قد تكون هناك حاجة إلى 4,5 ملايين وحدة سكنية إضافية بحلول عام 2020. وقد أبدى المستثمرون الذين تضرروا كثيراً من عدم استقرار سوق الأسهم في عام 2006 تفضلاً للاستثمار في الأسواق العقارية التي تعتبر مستقرة نسبياً. وقد انعكس هذا الطلب على الأسعار التي تضخمت بشكل كبير. ففي شهر أيلول/ سبتمبر قدرت صحيفة الشرق الأوسط، صحيفة كل العرب، أن الإيجارات السنوية ازدادت بأكثر من 50% في عام 2005 وذلك من 4533 إلى 6667 دولاراً. وتزداد أسعار الأراضي بحوالي 40% في بعض المناطق، الأمر الذي يدفع إلى بناء الشقق وليس الفلل المكلفة. وما زالت القدرة على تحمل الثمن الباهظ مشكلة في سوق الإسكان بسبب الافتقار إلى قوانين رهن واضحة. وفي عام 2006، وضع الملك عبد الله برنامجاً يستطيع من خلاله العاملون في الخدمة المدنية الحصول على قروض تصل إلى 266,667 دولاراً تسدد على مدة تتراوح بين 25 و 30 سنة بدون فائدة. وانتهج بنك الراجحي أسلوباً رائداً آخر يقوم على شراء المباني وبيعها لمن يريد بالتقسيط. ومن الناحية الفنية، يدرج عميل البنك في قائمة المشترين، وبذلك يكون هذا الأسلوب متمشياً مع أحكام الشريعة الإسلامية. على أن المحللين ما زالوا يرون أن على المملكة أن تسن قانوناً للرهن يكون متمشياً مع أحكام الشريعة الإسلامية. ورددت وزارة التجارة مراراً أنها سوف تبدأ بالنظر في إمكانية وضع قوانين للرهن في نهاية عام 2007. القطاع التجاري يزداد الطلب على المساحات التجارية في مدينتي الرياضوجدة اللتين تعتبران المركزين التجاريين للمملكة، وهناك ازدياد بسرعة متواترة في تسجيل الشركات الجديدة. وتبعاً لذلك، ارتفعت أسعار الإيجارات مدفوعة بنقص المتوفر من المساحات ذات النوعية الممتازة. وسوف يتركز المعروض التجاري الجديد في المدن الاقتصادية الجديدة في السعودية، تلك المدن المصممة لتوفير تقنية معلومات متقدمة وبنية تحتية شاملة. وبالنسبة للمكاتب الحالية التي تستوفي معايير المستأجرين الدوليين فغالباً ما يكون الطلب عليها أضعاف الموجود وعليها لوائح انتظار طويلة. قطاع الضيافة لا تعتبر السعودية مقصداً للسياحة والضيافة، ولكن الحكومة تنظر في الطرق الكفيلة بزيادة عدد من يقومون بزيارة البلد دون تعريض وحدة المملكة الثقافية للخطر. وقد تم تأسيس الهيئة العليا للسياحة واضعة في اعتبارها هذا المفهوم، وقد تم صرف 133 مليون دولار تقريباً عليه.ومن بين عوامل الجذب التي ذكرت على هذا الصعيد رياضة الغوص في البحر الأحمر، وسياحة الفراغ والمتعة في المناطق المتاخمة لحدود اليمن. وخلال المؤتمر الأول للمدن السعودية الذي عقد في الرياض في شهر نيسان/ ابريل 2007، تقدمت الهيئة العليا للسياحة بخطة لتطوير ست مناطق سياحية على شاطئ الخليج والبحر الأحمر، وخمسة مواقع جبلية ومشروع صحراوي. وهناك عدد من المبادرات والمشاريع قيد التنفيذ لزيادة نمو قطاع الضيافة. فقد سمح لمشغلي الفنادق بزيادة عدد الغرف ويستدل من حدة نقص الغرف في مدينة الرياض على أسعار الغرف التي تظل مرتفعة طوال العام. وبدأت مختلف العلامات التجارية الدولية من أمثال مجموعة هلتون وأكور بالتوسع داخل المملكة، وما زال التركيز منصباً في الوقت الراهن على الزوار من رجال الأعمال والسياح الداخليين. وفي هذه الأثناء، تم اتخاذ قرار بالتركيز على السياحة الدولية وعلى زيادة مدة المكوث في البلد بعد الانتهاء من أداء فريضة الحج في مكة بموجب برنامج أطلق عليه عمرة زائد. يضاف إلى ذلك أن الهيئة العليا للسياحة أعلنت مؤخراً عن تنفيذ مشروع رائد يدعى العجير على ساحل الخليج الشرقي، وسوف يتم الإعلان عن مشروعين تطويريين آخرين على شاطئ البحر الأحمر قبل نهاية عام 2007. إن جميع هذه الأنشطة ينبغي أن تزيد من أرقام إشغال الفنادق التي ما زالت متدنية بالمقاييس الإقليمية والعالمية. ذلك لأنه لا يسمح للنساء بالسفر وحدهن، وبسبب قلة الزائرين من بلدان العالم، تظل الفنادق معتمدة على سوق الأعمال المحدودة. وتظهر البيانات الصادرة عن شركة ديلويت أن نسبة إشغال الفنادق في مدينة الرياض خلال شهر آب/أغسطس 2007 كانت 55.4% مقارنة مع 85.7% في دبي و 79.9% في القاهرة. وتراوحت أسعار الغرف في المتوسط حول 171 دولاراً بمردود 93 دولاراً للغرفة الواحدة، وهذا يمثل تغيراً بنسبة 24% و 28% على التوالي عن عام 2006. قطاع التجزئة تعتبر السعودية أضخم سوق تجزئة في شبه الجزيرة العربية، وهي سوق تزداد انفتاحاً على الاستثمار الأجنبي. وقد تمخض الدخول في عضوية منظمة التجارة العالمية في عام 2006 عن وجود نظام أكثر تحرراً وعن قوانين استثمارية أكثر تساهلاً يستطيع بموجبها تجار التجزئة الأجانب أن يسيطروا على حصة 51% من الشركات المحلية. وتساعد زيادة مساحة الحرية شركات تجارة التجزئة العالمية على تلبية الطلب الذي ينمو بسرعة. وقد تزداد واردات البضائع الاستهلاكية بنسبة 5% وتقدر قيمتها الآن بمبلغ 3.5 مليارات دولار. وإلى جانب الإمكانات التي يوجدها عدد سكان من الشباب والأثرياء نسبياً، جعل تحرير اقتصاد البلد يحتل المرتبة 17 في المؤشر الخاص بتجارة التجزئة العالمية. وتظهر الأبحاث التي يتم نشرها بأنه سيتم توفير حوالي مليون متر مربع من مساحات التجزئة في المستقبل القريب في العربية السعودية، وأن عمليات التطوير بدأت تنتقل إلى المدن الثانوية. وخلال السنوات الست المقبلة، سوف تتضاعف المساحات المخصصة للتجزئة وسيكون جزء كبير منها خارج مدينتي الرياضوجدة في مدن ومناطق أصغر وأبعد. هذا، وتشهد تجارة التجزئة الخاصة بالمواد الغذائية نمواً سريعاً. إذ تخطط كارفور لافتتاح 18 محلاً من خلال شريك محلي، أما كازينو فقد دخلت السوق منذ مدة بمحل جينت الذي افتتحته. وتتجه مجموعة صافولا السعودية المحلية إلى دخول حلبة المنافسة، حيث تخطط لافتتاح 10 محلات هايبر ماركت بحلول عام 2010. تجدر الإشارة إلى أن محلات الهايبر ماركت تدفع بنمو تجارة التجزئة في البلد، وتبلغ قيمة الواردات السعودية من المواد الغذائية حالياً 6 مليارات دولار.