أردنا، أن يكون كتاباً نافعاً للجميع، في سهولة عبارته، ووضوح فكرته، ليكون إضافة أدبية في مجال التراجم والسير الذاتية إن بين دفتي هذا الكتاب قصصاً ممتعة، وأحداثاً غريبة، ومواقف مؤثرة، أو باسمة، انتقال من نصب إلى راحة، ومن ألم إلى لذة، ومن حزن إلى سعادة، ومن خير إلى خير، فاقرأ لعل في قراءته فائدة أو إضافة، أو... هكذا أردنا... مصرف الراجحي يعد مصرف مؤسسة صالح عبدالعزيز الراجحي الذي أسس عام 1356ه الموافق 1937م من أقدم وأبرز المصارف الوطنية بمدينة الرياض، حيث قام بدور حيوي هام، وقد رافق هذا المصرف تطور مدينة الرياض، فتطور مع تطورها، ونما مع نموها السريع، وفي حين أنه كان ومازال يحتل مكاناً بارزاً في حي الديرة بالرياض، إلا أنه مع ازدياد عدد سكانها قام المصرف في أواخر عام 1390ه بفتح فرع كبير له في شارع البطحاء ليقوم بكافة الخدمات المصرفية إلى معظم أنحاء العالم، بعد أن دعم جهازه الإداري بنخبة ممتازة من الشباب السعودي، ومن أصحاب الكفاءات من الأشقاء العرب. وهو بهذا قد خفف الضغط على مركزه الرئيسي، وبالتالي استطاع أن يقدم خدمات أكثر بوقت أقصر. وفي أثناء ذلك كان الشيخ كثير السفر للخارج، خاصة إلى بيروت، وكل أسفاره للعمل وحسب، لكي يجمع أنواع العملات من البنوك منذ عام 1380ه. ولهذا الجهد المتواصل كان مصرف الشيخ صالح قديماً يتميز بوجود جميع العملات فيه، وخاصة تلك التي يظنها بعض الصيرفيين غير مهمة، ولكن الشيخ كان ينظر إلى الأمام. وكان يتعامل مع عدد من البنوك في لبنان، ومن تلك البنوك بنك (سردار) الذي كان مديره عبده حقي صديقاً للشيخ صالح، وكان له تعامل أيضاً مع الشكرجي، وكان من كبار الصيارفة آنذاك. كما كان يسافر إلى الكويت، وإيطاليا، وأكثر الأحيان إلى ميلانو وروما، وغيرها من بلدان العالم.. وكان كثير الأسفار داخل المملكة وخارجها. رحلات متتابعة بلا تعب ولا ملل، كأنه برق يومض إيماضاً سريعاً متتابعاً، ثم لا يلبث أن يسكن. وفي عام 1398ه اندمج مع إخوانه، عبدالله، وسليمان، ومحمد في (مؤسسة الراجحي للصرافة والتجارة)، برأس مال قدره ستمائة مليون ريال، وغايتها خدمة مواطني المملكة والقاطنين فيها من المغتربين. وكبرت هذه المؤسسة – بفضل الله – واتسعت، وصار لها فروع في مناطق المملكة كلها، وتحولت فيما بعد إلى (شركة الراجحي المصرفية للاستثمار – شركة مساهمة سعودية)، وكان الشيخ صالح الراجحي رئيس مجلس الإدارة. والآن تعرف باسم (مصرف الراجحي) وهو من أكبر مصارف المنطقة العربية جميعاً، وأحد العلامات البارزة في دنيا الاقتصاد والمال. فالشيخ صالح أحد العمالقة العظام المؤسسين للأعمال المصرفية في العالم العربي، مثله مثل شومان بالأردن، وطلعت حرب بمصر، والكعكي وابن محفوظ بالمملكة، وكان أخوه الشيخ سليمان الراجحي عضده الأيمن في المشورة، وإبداء الرأي، ومشاركته بالأعمال المصرفية، وخاصة عند تأسيس شركة الراجحي للصرافة والتجارة، ومن ثم تحويلها إلى شركة مساهمة عامة باسم شركة الراجحي المصرفية. ويومها ذهب صالح وإخوانه للشيخ محمد بن إبراهيم، وعاهدوه على طهارة تعاملات البنك من الربا، وسيرها على نهج الاستقامة وفق الشريعة الإسلامية، الآن خلت معاملاتنا من الربا بفضل الله رب العالمين، فإذا ما تسللت شائبة ما نرصدها ونجمعها، لنضعها في مشاريع خيرية نستفتي فيها المشايخ الكرام. وكان من أشد أنصار إنشاء هذا البنك الإسلامي سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد – رحمهما الله – وقد راجعوا معاملاتنا مراراً فلم يجدوا فيها شيئاً من الربا، ولله الحمد. وأما الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – فكان يقول: أنا أكفلهم، وكان فرحاً بوجود بنك يسير على هدى الإسلام، بخلاف وزير المالية في ذلك الوقت، فقد كان معارضاً لهذا الأمر، لأنه يرى أن البنوك الأجنبية لن تسايرنا في ذلك، وستمتنع عن التعامل معنا، ولكن الملك فيصل – يرحمه الله – والأمير فهد – رحمه الله – تدخلا، فقد كان يحباننا، وأما المشايخ فأيدونا، ومنهم الشيخ عبدالرحمن السعدي – رحمه الله – وكان يرى أن المصارف الإسلامية ليس فيها شيء. وأما الذين تعاونوا معنا من الهيئة العلمية فيما يتعلق بالمصرف فهم: الشيخ سليمان بن عبيد، والشيخ محمد بن عودة، والشيخ عبدالله بن عقيل، والشيخ صالح الحصين، وكنا نسعد بتشديدهم علينا، لبالغ حرصهم على تطبيق الشريعة الإسلامية، ولله الحمد أحبنا المسلمون، وأحضروا أولادهم لدينا. ويضيف: هناك أناس يملكون مؤسسات تجارية وشركات بأسمائهم لكن الذي يعمل فيها غيرهم، وهذا في اعتقادي ليس في مصلحة الوطن، بل أن بعضهم يذهب في رحلات تقدر بثمانية أشهر ولا يعرفون عن هذه الأعمال شيئاً، فكيف يتصور نجاح هذه المؤسسات. يقول وزير الزراعة الأسبق معالي الدكتور عبدالرحمن آل الشيخ عنه: "وفي بعض الأمور قد يخالف فيها رأي الناس من مستشارين ومتخصصين ولا يتفق معهم، لكنّ رأيه في النهاية يكون هو الأرجح" فقد كان لديه وضوح في الرؤية، ينظر إلى الموضوع، ويقلبه في عقله على كافة الوجوه، ويعرضه على ما لديه من خبرة بالسوق وحاجاته، ومتطلبات الناس والعملاء، ثم ينظر إلى أقرب الطرائق إلى تحقيق الهدف، والوسيلة الملائمة لبلوغه، فإذا ما تمت الصورة في عقله لم يتردد في اتخاذ القرار إيجاباً أو سلباً.