لو لم يصل جورج بوش الابن إلى الحكم في واشنطن وفعل ما فعل، لجاز لك أن تقول إن حماقات الحكومات موجودة فقط في دول العالم الثالث، ولا تمر هذه الحماقات إلا بعد إقصاء لكل قوة أو رأي يمكن أن يؤثر أو يردع مسلك الدولة، أي لا وجود لحوار أو مفاضلة أو خيار، لكن يحدث أن توجد في خصوصيات العالم الأول حماقات أفراد لا تستطيع أن تسيطر على أي مساحات أو تؤثر في توجيه حياة أي جماعات.. تبقى رغم رفضها محدودة التأثير على مَنْ ينتهجها، ولا يكون ذلك إلا عبر زمن محدود.. قد يحدث في بعض الحالات أن تتسابق الظاهرتان السلبيتان في العالم الثالث.. حماقة دولة وحماقة فرد.. نقف عند إيران مثلاً.. ما هو أي مكسب.. حتى ولو بقيمة ألف دولار.. يمكن أن تكسبه طهران في توجهها النووي؟.. هي تعلن أنها تفعل ذلك ضد إسرائيل.. هذا غير صحيح.. وشمالاً أو شرقاً لن يكون بسهولة لها الامتداد في هذين الاتجاهين.. إذاً هي تحلم بافتعال أبوة خليجية.. غريب.. أليس كذلك؟.. لأن احتلال شبر واحد من مساحة خليجية هو أكثر صعوبة وخطورة على إيران من احتلال أي كليومترات في أي اتجاه من حدودها.. الأرض الخليجية بحكم أهميات البترول وبروزها كأسواق دولية.. تملك هذه الأرض مناعة التفاف من قبل دول كبرى لن تحميها لأنها ذات تبعية أمريكية أو بريطانية أو ألمانية ولكن لأنها تمثل موقع التأثير الأول على اقتصاديات العالم.. ولن يقبل العالم أن تكون إيران طرف تقاسم قوة مالية مع الغرب لأنها غير مؤهلة، لذلك يشاهد تعاقب الانقلابات ورفع شعار العداوات مفتعلة أو تهريجية.. نأتي إلى حماقات الأفراد، التي عندما نجدها محدودة في الغرب بحكم استقرار الحكومات وتوفر الوعي، فإن مساوئها وسلبياتها وتأثيرها الاجتماعي هو الأكثر في دول العالم الثالث، لأن انفتاحات ادعاءات الموعظة أو الإيضاح أو مصححات التفقيه تنطلق وكأنها تأتي من مصادر موثوقة ولها حق أن تكون مرجعية.. وهي لا شيء من ذلك.. في عالمنا الثالث تتسابق الخرافة والوهم وبدائية المعلومات نحو المفاهيم لتعطيلها عن التقدم في وعيها.. وهي في الواقع حاجز تطور.. نجدها في كثير من الدول العربية أشبه ما تكون بتظليل يخفي تحته ما هو مؤلم من مرئيات الفقر والتخلف، ونجدها لدينا في وضع معاكس، حيث تحاول أن تعطل جهود الدولة في مسار تطوير الوعي وتحديث التعليم وإنصاف المرأة ودفع قدرات الثروة والتقنية نحو مبهرات التفوق.. إذا لم تعترض المسارات عقبات تلك المفاهيم..