" لا تعذليه فإن العذل يولعهُ .. قد قلتِ حقاً ولكن ليس يسمعهُ ..جاوزتِ في لومهُ حداً أضربهُ من حيث قدرتِ أن اللوم ينفعهُ .. فاستعمليِ الرفق في تأنيبهِ بدلاً ِمن عذله فهو مضنيِ القلب موجعهُ .."بعد هذا المقطع الشعري المتميز لشاعرنا أبو الحسن علي ( أبو عبدالله ) بن زريق الكاتب البغدادي أريد أن أبوح بالسر الذي طالما تمنيت أن أتحدث عنه أريدها مقالة غير اعتيادية سوف أتكلم و أتمنى من الجميع أن يضيفوا و يثروني بجميل الكلام ويتحاورون معي .. سأبدأ بطرح موضوعي وهي وجهة نظر، و رأي قد يلاقي القبول أو الرفض من قرائي ، أرى بأن الكلام كلمة مرنة وواسعة جدا فهي تشمل الحوار و الجدال و النقاش و العتاب و الثرثرة ايضا جميعهم يشكلون لنا جسراً جميلاً أطلق عليه بجسر التواصل و الاتصال بأفراد المجتمع . فكيف نستطيع أن نعبر عن الحب و الغضب و الخوف و الحزن و السعادة للأشخاص الذين نعيش معهم في هذه الحياة ؟ وكيف نحل المشكلات ونترجم أحلامنا إلى واقع و نحقق أهدافنا إذا لم نستخدم فن الكلام بكل أنواعه للبوح بما نشعر . فدعونا نخلع أقنعتنا رجل و امرأة و نتجرد من الرسميات، و نهدم حواجز الصمت ونتعلم كيف نحاور ونتكلم و نتفنن بأساليبه و أنواعه!! لا تستغربوا إذا أطلقت لفظ فن فهو الفن السهل الصعب ولكن ليس الممتنع ، الذي يحتاج منا إلى تدريب و تطوير مستمر كي نكون مهرة . وأول ما نطبق هذا الفن لابد أن نعلم وننشر أسلوب الحوار الصحيح و التعبير عن المشاعر بداية بداخل الأسرة لأنها اللبنة الأولى لبناء المجتمع السليم وبالنظر في أحوال الأسرة السعودية خاصة بعد الزواج في مجتمعنا ، ومن خلال الدراسات و البحوث و الإحصائيات تبين أن غياب الحوار الأسري سبب رئيس للعديد من حالات الطلاق ، و حالات العنف الأسري وانحراف وجنوح الأبناء و المحزن فإن هذه المشكلات تزايدت وأخذت أشكالا جديدة ، ومثل بعضها ظواهر خطيرة تأثرت بها جوانب الحياة المختلفة ومنها الأمن في بلادنا ، فمعظم الأولاد الجانحين ، و المصابين بإمراض نفسية ينشئون في أسر مفككة ناشئة عن حياة زوجية غير مستقرة يغيب عنها الحوار الأسري الايجابي ، وتنعدم بداخلها كل أنواع الكلام بسبب عدم امتلاك الزوجين مهارات الحوار مع بعضهما وغياب المنهجية الصحيحة المتبعة أثناء الحوار ومن هنا سوف تنقطع جسور التواصل والاتصال فسوف يغيب الفهم و المصارحة بين أفراد الأسرة الواحدة وتتكون لدينا فجوة واسعة وعميقة بين الزوجين تؤثر بشكل مباشر على الأبناء . لذلك كانت المبادرة من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني و الاضطلاع بدوره الاجتماعي للمحافظة على الأسرة جاءت فكرة برنامج ( الحوار الأسري ) و لقد أقيمت هذه الدورات القيمة في العديد من المراكز الاستشارية المنتشرة بداخل مدينة الرياض وهذه الدورات طبقت على الرجال و النساء ولقد قام بأعدادها و تنفيذها متدربون مختصون بمجال علم النفس و الاجتماع لديهم القدرة على مخاطبه كافة الفئات على اختلاف مستوياتهم الثقافية و الاجتماعية بهدف الحفاظ على مستقبل البلاد وروحها وإعادة القوة و التماسك للأسر المفككة لأنها الثروة و الكنز الحقيقي الذي لابد من الحفاظ عليه و دعمه وإكساب أفراد الأسرة مهارات الحوار الأسري التي تحقق لهم السعادة بمفهومها الشامل بأسلوب سهل وميسر. فمن وجهة نظري أتمنى ألا نكتفي بالدورات أو الندوات بل نستحدث مادة تدرس للطلبة ، و الطالبات لجميع المراحل الدراسية كي تنتج لنا جيلاً يتقن مهارة و فن الحوار و التواصل، جيلاً قوياً قيادياً لديه ثقة بنفسه ويستطيع التعبير بلا خوف وبلا أقنعة .