نفت الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون) امس التوصل الى اتفاق مع حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير للقبول بنتائج الانتخابات التعددية، خلافا لما اعلن الثلاثاء. وقال ياسر عرمان مسؤول الحركة الشعبية في قطاع الشمال في اتصال هاتفي مع فرانس برس من مدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان، ان "حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان استعرضوا الوضع في البلاد. لم نتوصل الى اتفاق حول تشكيل الحكومة او حول نتائج الانتخابات". وكان علي عثمان طه النائب الثاني للرئيس السوداني اعلن الثلاثاء بعد لقائه رئيس حكومة الجنوب سلفا كير في جوبا بحضور عرمان، "اجرينا لقاء ايجابيا التزمنا بقبول نتائج الانتخابات حسب ما تعلن عنه المفوضية القومية للانتخابات". وكان عرمان اتهم الاثنين المؤتمر الوطني بحشد تعزيزات مسلحة وبالسعي الى تزوير نتائج انتخابات ولاية النيل الازرق والدوائر الرئيسية في ولاية جنوب كردفان. وقال "هذا خط احمراذا تم تزوير الانتخابات ستجتمع قيادة الحركة الشعبية لتقييم الوضع وتدرس ما ينبغي اتخاذه من قرارات". ويسعى المتمردون السابقون المهيمنون في الجنوب الى الاحتفاظ بمنصب والي النيل الازرق. وسحبت الحركة الشعبية مرشحها عرمان من الانتخابات الرئاسية، كما انسحبت من انتخابات الشمال لكنها شاركت في انتخابات ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان اللتين يشملهما اتفاق 2005 ويمكن ان تؤثر قرارات مجلسيهما على عملية السلام. وجرت الانتخابات التعددية الاولى في السودان منذ 1986 من 11 الى 15 نيسان/ابريل على مستوى الرئاسة والبرلمان الاتحادي والولايات ولا تزال عملية فرز الاصوات جارية ولم تعلن المفوضية القومية للانتخابات سوى نتائج جزئية. وفي تقرير يتعلق بالاجواء الانتخابية السودانية ومن عاصرها عبر مختلف الازمنة يقول : يجلس محجوب محمد صالح رئيس تحرير "الايام" السودانية منذ 1953 خلف مكتبه في الصحيفة التي أسسها في عهد الاستعمار واستمرت في عهد الدكتاتورية ومن ثم الحكم الاسلامي ليكون شاهدا على احداث نصف قرن وصولا الى الانتخابات التي يصفها بانها الاكثر اثارة للجدل في تاريخ السودان ولا يلفت موقع الصحيفة الموجودة في السوق المتربة من حي الخرطوم 2 الانتباه. ففي الطابق الاول فوق ملحمة وبائع خضار، في نهاية سلم ضيق، توجد ادارة تحرير الصحيفة التي اسسها مع زميلين له، وعلى مدى الايام تراجعت مكانتها بعد ان شهدت اياما مرموقة بسبب غياب الاعلانات من الجهات الحكومية في سوق يشهد منافسة حامية بين نحو عشرين صحيفة. يجلس محجوب محمد صالح البالغ من العمر 83 عاما مرتديا جلابيته البيضاء التقليدية ومعتمرا قلنسوة ناصعة امام شاشة الكمبيوتر متصفحا موقع "نيوزناو" الاخباري. على مدى حياته المهنية الصاخبة، عايش محجوب الانتخابات التعددية الخمس التي نظمت في السودان منذ 1953 في عهد السيادة المشتركة المصرية البريطانية حتى الانتخابات التعددية الرئاسية والتشريعية والاقليمية التي نظمت بين 11 و15 نيسان/ابريل وبات الرئيس عمر البشير ضامنا وحزب المؤتمر الوطني الحاكم الفوز بالاغلبية. ويقول محجوب متحدثا بلغة انكليزية طليقة "من بين كل الانتخابات التي قمت بتغطيتها، هذه الانتخابات هي الاكثر اثارة للجدل والتي تشهد العدد الاكبر من الشكاوى". ثم يضيف "ومن بين كل الانتخابات التي غطيتها، هذه الانتخابات هي الاكثر صعوبة والاكثر تعقيدا، في حين ان القسم الاكبر من الناخبين لم يسبق ان شاركوا في عملية اقتراع، كما ان معظمهم ليس لديه وعي بواجبات وحقوق المواطن". ويقول عميد الصحافيين السودانيين "لقد حذرت الاحزاب من انها ليست في مواجهة حزب سياسي وانما حكومة بكل موظفيها وجيشها وشرطتها واموالها". ويضيف "الاحزاب التقليدية تعاني كذلك من ضعف التنظيم ونقص الموارد ونقص العناصر الشابة". ويتابع "في هذه الظروف، لم اتوقع ان تحقق المعارضة تقدما، لكني فوجئت للنسب. بناء على معرفتي للسودان، لا يمكنني ان اتخيل ولا للحظة ان هذه الاحزاب لم تفز ولا حتى بمقعد واحد (في المجلس الوطني، وفق الانتخابات الجزئية) حتى الان. هذا يؤيد القول بحصول تلاعب"