ثمة مفارقة غريبة فيما يخص التهاب اللوز والآيسكريم، لاحظتها من خلال عملي ولاحظها أيضاً في من أصيبوا بالتهاب في لوزهم، أو لوز أطفالهم، انتهت بعملية لاستئصال تلك اللوز، وهي أن الأطفال (وحتى الكبار) الذين يشتكون من التهاب مزمن في لوزهم يُحرمون من تناول الآيسكريم.. وأول (غذاء) يتناوله من تُجرى لهم عملية استئصال اللوزتين هو الآيسكريم، فبعد أن يفيق الطفل من البنج يجد آيسكريماً لذيذا في انتظاره.. طالما تمناه وحُرم منه وهو مريض، والسبب (العلمي) في إعطاء الآيسكريم هو في برودته (داوها بالتي كانت هي الداءُ) فبرودة الآيسكريم تجعل الأوعية الدموية تنقبض أو تنكمش، فيقف النزف، والنزف الناتج من عملية استئصال اللوز هو أهم مضاعفات تلك العملية، ولا تخلو أي عملية منه قل أو كثر، فتبرز الحاجة للآيسكريم. والنزف الناتج من عمليات استئصال اللوز إما أن يكون أثناء العملية وإما بعدها مباشرة، والمضاعفات تكون أكثر في المرضى كبيري السن، وأذكر في إحدى المرات نزفاً شديداً وغريباً لمريض كبير في السن نسبياً لم يتوقف إلا بعد بضعة أيام، فخشي الطاقم الجراحي على حياة المريض إن استمر النزف من عملية استئصال لوز بسيطة، وعندما توقف أُقيمت حفلة في القسم ابتهاجاً لتوقف النزف وسلامة المريض، وبالتالي تنفس من أجرى العملية الصعداء. ولا تكتمل سوانح من دون الإطلالة على الماضي وآيسكريم (عسكريم) أيام زمان.. وقد كانت إحدى كبيرات السن من نساء الحي تبيع الآيسكريم بأربعة قروش على الأطفال، الذي تصنعه في منزلها الطيني، وأتذكر جيداً كيف كنا نصطف عند باب منزلها نصف المفتوح لتناولنا (باغة) العسكريم بيد، وأخذ الأربعة قروش باليد الأخرى، ومع اننا أطفال لا أذكر اننا رأينا وجهها، فكل ما نراه يد المرأة تخرج لتسليم الآيسكريم واستلام الأربعة قروش باليد الأُخرى عند عتبة الباب. وباغة العسكريم تحوي (ثلجة) حلوة الطعم، وقد تطور (آيسكريم) أيام زمان والمصنع محلياً ليكون شبيهاً بالآيسكريم الحالي، وهو عبارة عن خشبة صغيرة قد تكون أُجتثت من صندوق خشبي (سحارة)، أعدت لتكون بيتاً لجوز من الحمام في حوش المنزل الطيني (كخافض اللسان الذي يستعمله الطبيب لفحص الفم والحنجرة)، وفي نهاية هذه الخشبة الصغيرة ثلجة حمراء حلوة الطعم بنكهات التوت ما تلبث أن تعود إلى لونها الطبيعي (لون الثلج) بعد عدة مصات.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.