نستخدم كثيراً مصطلح الموهبة في مواضع كثيرة من مجمل حديثنا وتعليقاتنا وبشكل ملفت للنظر ونطلقه على كثير من الأشخاص كحكم على قدراتهم وأدائهم من غير أن يكون هناك معيار أو منظومة أو تشخيص يقيدنا في الحكم ويجعلنا نحدد مدى الموهبة وقياسها ، فالأحكام تصدر بسرعة وعفوية ومن غير معايير وقد تكون بعاطفة أو ميول أو مصالح. والواقع يؤكد بأن الموهبة تشكل منعطفا مهما وحالة خاصة في المجال الرياضي، لذا علينا إدراك مفهوم الموهبة وكيفية الحكم عليها واكتشافها وطريقة التعامل معها وتنميتها وتوظيفها، الحقيقة تؤكد أن تحديد الموهبة يعتمد على وجود عدد من القدرات الخاصة والبارعة وتميز في الذكاء والأداء سواء كانت فطرية أو طبيعية أو من خلال التنشئة. ويعتبر أصحاب المواهب ثروة وطنية يجب استثمارها، فإهمال الموهبة قد يكون خسارة عامة قبل أن يكون خسارة خاصة، وهم بحاجة إلى من يكتشف قدراتهم ومواهبهم ويقدمهم إلى المجتمع ويسعى إلى توظيف موهبتهم، هنا نحتاج أن نقف عند جانبين الجانب الأول اكتشاف الموهبة والحكم عليها والجانب الثاني صقل الموهبة وتطويرها والاستفادة منها، فإذا فقد الجانب الأول عاش الموهوب طوال حياته دون فرصة إبراز مواهبه وهنا تحصل خسارة مزدوجة لفقد الموهبة نتيجة لعدم اكتشافها من جهة ومن جهة أخرى حرمان المجتمع من إبداعها وتوظيفها واستثمارها، وبالتالي تظهر الحاجة الماسة إلى المكتشفين للمواهب للمساهمة في البحث عنها وإبرازها كنواة حقيقية لمشروع تقديم الموهبة، وتكمن أهمية المكتشف في الحكم على الموهبة وتوجيهها إلى أول الطريق، وفي المقابل يأتي الدور على الجانب الثاني في صقل الموهبة وتوفير الفرص لها من حيث أعداد البرامج وتنمية القدرات والتدريب والاهتمام وتوفير الظروف المناسبة التي تعين الموهوب على تقديم موهبته بشكل مناسب؛ فتنمية الموهبة حاجة ماسة وضرورية لصقلها وتوظيفها وإكسابها مزيداً من الخبرة ، وقد يسأل أحد نفسه كيف تنشأ الموهبة وهل سببها وراثي تحكمه العوامل الجينية أو سببها يعود إلى عوامل بيئية ، وفي الواقع وبإشارة بسيطة بينت أكثر الدراسات أن الجانب الأكبر يرجع إلى العوامل الوراثية بنسبة 75% تقريباً مع تأثير العوامل البيئية والخصائص الجسمية والنفسية والقدرات الخاصة والتغذية . وما دمنا دخلنا إلى جوانب علمية فنؤكد إلى أنه يجب التعامل مع صاحب الموهبة بحذر شديد لأن صاحب الموهبة ليس بالضرورة أن يكون صاحب خصائص إيجابية فقط يستطيع توفيرها لنفسه بالتالي فهو لديه انفعالات قد يوظفها لمصلحته الخاصة وليس بالضرورة أيضاً أن يكون مخلصاً وصادقاً ، لذلك يحتاج أصحاب المواهب إلى توجيه ومتابعة مستمرة وتزويد بالسلاح المناسب للسيطرة على الجوانب السلبية في شخصيتهم. وأخيراً فإن الموهبة هي نعمة من الله وهي في الوقت ذاته ظاهرة وامتلاك للقدرات الخاصة الشخصية والمميزات الإبداعية يجب توظيفها التوظيف الأنسب والتعامل معها بجد وبحذر وأن لا نحملها فوق طاقتها لأن قدراتها وأن كانت عالية فهي في النهاية محدودة ،