يختلف علماء النفس في تعريف المتفوقين والموهوبين إلا أنهم يتفقون على أن التفوق العقلي وارتفاع نسبة الذكاء هما أساس التعرف عليهم وقد أثبت علماء النفس أن نسبة الذين تقل نسبة ذكائهم عن (60) من حاصل الذكاء وهم المتخلفون عقلياً تصل إلى (2,5٪) من مجموع أفراد أي مجتمع، في حين أن الذين تتراوح نسبة ذكائهم بين 90، 110 وهم متوسطو الذكاء تصل نسبتهم إلى حوالي 50٪ وأما الذين تزيد نسبة ذكائهم عن 130 وهم المتفوقون عقلياً فلا يتجاوزون 2,5٪ من مجموع أفراد المجتمع، وبذلك يمكن تعريف الموهوب بأنه (الفرد الذي تزيد نسبة ذكائه عن 130 من حاصل الذكاء) وصفة الموهوب تطلق على من يمتلك قدرة عقلية عالية جداً. وتؤكد البحوث الحديثة أن الموهبة ذات صلة وثيقة بالذكاء. وأن اصحاب المواهب أناس توفرت لهم ظروف بيئية ساعدت على إنماء ما لديهم من طاقة عقلية، وتمايزها في اتجاه الموهبة والتفوق الدراسي. وأن نجاح الفرد يثير لديه قدراً مناسباً من الدافعية للمثابرة والدأب هذا بحد ذاته يحقق للفرد اداء ممتازاً في المجال الذي برزت موهبته فيه. وقد وردت عدة تعاريف للموهوب في الفكر والتراث العربي والقواميس. ففي لسان العرب والقاموس المحيط نجد أن كلمة موهوب اسم مفعول من الفعل وهب، ويشير المعجم الوسيط إلى إن الموهبة تعني الاستعداد الفطري لدى المرء للبراعة في فن أو نحوه وجاء في قواميس اللغة بأن الطفل الموهوب (هو شخص ذكي نابغ متفوق ذو مستوى مرتفع في الاداء عن الأطفال الآخرين) (جمال ، 1983م) ومن خلال القواميس الانجليزية قاموس (وبستر) 1966م يذكر في معنى ذكي ماترجمته (ذو قدرة طبيعية وعظيمة) ولقد وردت عدة تعاريف للموهوب في الفكر والتراث العربي في الدلالة على الموهوب منها: النابغة، المتفوق، المبتكر، العبقري، ويرجع الاختلاف في المحك والمعايير المستخدمة لتحديده، فمنهم من يعتمد على معاملات الذكاء، ومنهم على التحصيل الدراسي، كما ان من منهم من ذهب أبعد من ذلك واعتمد على تعدد المحطات في تعريفه. ويعرف بعض المربين الطلاب الموهوبون بأنهم هم (الذين يوجد لديهم استعداد وقدرات فوق العادية أو أداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع، ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لاتتوفر في المناهج الدراسية العادية. كما عرفت الموهبة بأنها تتكون من التفاعل بين ثلاثة مكونات للسمات الإنسانية وهي: - قدرات عقلية عامة فوق المتوسط. - مستوى عال من المثابرة. - مستوى عال من التفكير الابتكاري. والموهوب هو الذي يمتلك أو لديه القدرة على تطوير هذا التركيب من الخصائص والسمات، واستخدامها في أي مجال من المجالات الانسانية. ولأهمية مراعاة الموهبة ورعاية هؤلاء الموهوبين والبحث عن اهم الطرق والاساليب للتعرف عليهم وطريقة اكتشافهم، فقد اجمعت كثير من الاتجاهات التربوية المعاصرة وأدركت ان الموهوبين هم ركيزة اساسية لتطور ورقي المجتمعات بمختلف جوانبها وقد عنيت الأمم المتقدمة بهذه الفئة. وإيجاد الحوافز التي تؤسس جيلاً يملك الموهبة والنبوغ والتفوق. وفهمت ان التنمية لاتقودها إلا العقول المبدعة ولاتديرها السواعد الماهرة المتدربة، ولاينمي رصيدها الحضاري إلا اصحاب التجارب الوفيرة، وكلما امكن تقديم الرعاية للطالب الموهوب مبكراً. كلما كانت فرص نمو قدراته ومواهبه أكثر. ولايمكن تحقيق رعاية متميزة إلابوجود معلم مؤهل ومدرسة مثالية في مبناها، ومعاملها وورشها، وإدارتها والعاملين فيها ومناشطها وبرامجها، ومناهجها. وتوظيف كل ما يتوفر من امكاناتها لصالح الطالب الموهوب وتعهده بالعناية والاهتمام. وإن حاجات الطلاب الموهوبين العلمية والنفسية والاجتماعية، تختلف عنها عند غيرهم، فهم فئة خاصة تستحق رعاية تتناسب وحاجتها كما هو الحال للفئات الأخرى، ومما لاشك فيه أن حرمان هذه الفئة من حقوقها هو ظلم ليس للطلاب الموهوبين وإنما لحاضر الأمة ومستقبلها، لذا نجد حكومة المملكة العربية السعودية قد وعت وادركت لما لهذه الفئة من اهمية بالغة في تقدم المجتمع فبادر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- بالتبرعات المتتالية وكذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله تعالى- وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأصحاب السمو الأمراء ووزير التربية والتعليم ورجالات العلم والأعمال في بلادنا الحبيبة وادرك هذا المجتمع انه لاتقدم ولا رقي لهذا البلد إلا برعاية ابنائه وخاصة فئة الموهوبين والمتفوقين فانتشرت المراكز في بلادنا الحبيبة ووضعت البرامج المختلفة وانشئت مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين ووعوا الموطنين في هذه البلاد أن هذه الفئة في أمس الحاجة لمن يرعاها ويتعرف عليها وادركوا ان أي مجتمع إنساني سيحرز الكثير من التقدم إذا ما وجه اهتمامه وعنايته إلى استغلال ما لدى ابنائه من قدرات عقلية ممتازه وان الموهوبين يمثلون القوى البشرية فهم عدة الحاضر وقادة المستقبل في شتى المجالات والميادين وبفضلهم تقدمت وازدهرت الإنسانية وخطت خطوات واسعة للأمام، فالموهوب طاقة بشرية في المجتمع، والعناية به تحقق الأهداف العامة والأهداف التربوية المنشودة، وتعتبر رعاية الموهوبين مجالاً من مجالات التجديد والتطوير التربويين. لذلك استحقت الدعم والتشجيع الدائم والدعم المتواصل من كل فئات المجتمع والمهتمين بالتربية والتعليم خاصة. ومنذ إنشاء وزارة التربية والتعليم عام 1373ه بدأت الأجهزة التعليمية في تقديم خدمات محددة للطلاب الموهوبين في مختلف المراحل الدراسية إلى أن تطورت وتبلورت في وصفها الحالي المتمثل في نظام التوجية والإرشاد الطلابي للموهوبين، والذي من أهدافه (العمل على اكتشاف مواهب وقدرات الطلاب الموهوبين، والعمل على توجيه وترشيد تلك المواهب فيما يعود بالنفع على الطالب بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، مع العمل على رعاية الموهوبين خاصة وإتاحة الإمكانات والفرص المختلفة لنمو مواهبهم في إطار البرامج العامة وبوضع برامج خاصة). وتمثلت جهود وزارة التربية والتعليم في التالي: لقد قامت وزارة التربية والتعليم بتأسيس برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم بناء على محضر الاجتماع المنعقد في 29/10/1417ه برئاسة وزير المعارف ومشاركة وكيل الوزارة، ونائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وفريق بحث برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم، وقد تم تبني المشروع والبدء في تطبيقه في المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، وتوفير كافة الإمكانات البشرية والتقنية اللازمة لتنفيذه، وتكليف فريق عمل برئاسة الدكتور عبدالله النافع وعضوية فريق البحث، لتنفيذ البرنامج، وتقديم تصور مفصل لمعالي وزير المعارف، وذلك وفقاً لما ورد في القرار الوزاري رقم 877 تاريخ 6/5/1418ه وتحقيق الأهداف المرسومة للبرنامج الوطني والذي يتضمن، تشكيل وحدتين رئيستين هما: وحدة الكشف، ووحدة الرعاية، بالإضافة إلى وحدات أخرى مساندة، تسهم في تحقيق أهداف البرنامج وتتولى وبالنظر إلى هذه الجهود المتميزة من قبل وزارة التربية في تلبية ادراك انه لا يتوفر التعليم العادي الفرصة للطالب المتفوق والموهوب تلبية حاجاته التعليمية المتنوعة مثل التعليم السريع وتعدد الاهتمامات وتكثيفها بالإضافة إلى البرامج الحالية من هنا تأتي أهمية الحاجة لتخطيط برامج لهؤلاء الطلاب والموهوبين لتلبي الاحتياجات المتعددة والمتنوعة لهذه الفئة وقد ذكرت في مقالي السابق بعضاً من جهود الوزارة في هذا الشأن. لذا نقترح ان تضع الوزارة عند التخطيط لوضع برنامج لهذه الفئة الحرص على مايلي: - الاستفادة من المتخصصين في تحديد مستوى الطلاب، وحاجاتهم، وإختيار البرنامج المناسب والإشراف على العمل. - تشجيع استقلالية المشاريع التي تنبثق من البرنامج والتي لها إنتاج وفاعلية حقيقية. - العمل على تطوير الخطط وتقويمها بشكل مستمر. - عدم وضع توقعات للبرنامج تفوق المطلوب أو أن تكون استفادة الطلاب بشكل متساو. - الاستفادة بقدر الامكان من كل مصادر المجتمع، متضمنة القطاع العام والخاص والأفراد. - التعاون مع كل المؤسسات الموجودة في المجتمع من جمعيات أهلية واجتماعية ومهنية لزيادة الخيارات التعليمية الموجودة خارج اسوار المدرسة. - تشجيع الطلاب على المشاركة في بعض البرامج والأنشطة التعليمية الموجودة بعد الدوام المدرسي. - التوازن بين كل انواع الرعاية للمتفوقين والموهوبين. - تشجيع المعلمين وأولياء الأمور على متابعة قدرات واهتمامات الطالب مبكراً وتقديم الحوافز المناسبة. - تهيئة بيئة آمنة نفسياً للطلاب لمساعدتهم في ظهور قدراتهم المتنوعة. - الاستفادة من إمكانات الجامعات والمؤسسات التعليمية في تطوير الهيئة التعليمية في المدرسة. - تطوير نظام الاحتفاظ بالسجلات لمتابعة تطور الطالب في المدرسة والأنشطة المتنوعة للاستفادة منها وتطويرها. - تشجيع مبدأ الحوار والجدل في المدرسة. - التدريب على بعض الاستراتيجيات المستخدمة في تعليم المتفوقين. - توعية جميع طبقات المجتمع بما فيهم ولي الأمر بثقافة الموهوبين وكيفية التعامل معهم وطريقة قدراتهم وكيفية اكتشافهم حتى في المنزل. - تشجيع رجال الأعمال والميسورين والمؤسسات والشركات للتبرع ودعم المؤسسات التربوية التي تقوم برعاية الموهوبين حتى تتمكن من اداء رسالتها على الوجه الأكمل. - إنشاء مكتبات متخصصة ومراكز للمعلومات يخدم فئة الموهوبين. - توثيق الصلة بين الطلاب الموهوبين والمؤسسات التعليمية والاجتماعية لتنمية مواهبهم وقدراتهم وابداعاتهم واختراعاتهم واستثمارها بالطرق العلمية السليمة التي تعود على المجتمع بالفائدة العظيمة. عقد دورات لاولياء الأمور مبسطة عن طريق مراكز خدمة المجتمع التابعة للجامعات. تهدف إلى التعرف على كيفية التعامل مع الموهوبين وطريقة رعايتهم واهم الخصائص والسمات التي يتصفون بها.