قال امين عام دول «الكوميسا» (تجمع السوق المشتركة لشرق وجنوب افريقيا) في حوار ل «الرياض» إن افريقيا تستطيع تقديم الغذاء للعالم وليس لدول مجلس التعاون الخليجي فقط لأن ما تم استغلاله زراعياً في افريقيا لا يتجاوز 10 بالمائة ، مشيراً بأن التحدي الاكبر القادم هو الامن الغذائي. واعتبر امين الكوميسا سينديسو نغوينيا ان التحديات التي تواجه افريقيا ناجمة عن الفقر الذي يدفع الناس للصراعات والحروب؛ لأنهم ليس لديهم ما يخسرونه. إلى ذلك فند نغوينيا الجوانب السلبية في التعاون الصيني الافريقي رافضاً في الوقت نفسه وضع الصين في مقارنات مع الدول الاستعمارية ولفت ان الصين لا تقدم حلولاً دائمة إلى افريقيا على المدى البعيد. وقال :ارى ان الصين لا تقدم حلولاً دائمة لمشاكل افريقيا، فالحلول التي تطرحها مؤقتة فبعد عشر إلى عشرين سنة من الآن سيصل الاقتصاد الصيني إلى مرحلة النضوج ، ومن ثم فمثلها مثل الاقتصاديات الاخرى.. نموها لن يحافظ على معدلاته الحالية في حدود عشرة بالمائة خلال الثلاثين سنة الماضية، ومن المحتمل ان يتراجع معدل نموه إلى 2.5 بالمائة تقريباً. فإلى نص الحوار : * هلاّ حدثتمونا عن الاتفاقية بين الكوميسا ودول مجلس التعاون ؟ - وقعنا نحن في منظمة الكوميسا مع مجلس التعاون اتفاقية تاريخية لتوثيق العلاقات بيننا فكما تعلمون تضم "الكوميسا" في عضويتها 19 دولة.هنالك عدة دول هي أيضاً من اعضاء جامعة الدول العربية لذا فأننا نعتقد أن هذا من شأنه تذليل أي عقبات قد تعترض سبيل الاستثمار وكما ان من شأنه تسهيل الاستثمار عموماً ، ولاسيما في مجالات مشاريع البنية التحتية والتصنيع بما في ذلك الصناعات التحويلية للإنتاج الزراعي. ويمكن ايضاً الاستثمار في مجال السياحة حيث توجد في دول "كوميسا" مساحات جيدة تصلح لإقامة المشاريع السياحية ، وهي تمتلك مقومات السياحية الناجحة كما ان هنالك اراضيَ شاسعة صالحة للزراعة، لدينا كذلك الامكانيات اللازمة لتوفير الغذاء ليس لأفريقيا فحسب وإنما للعالم أجمع – علماً بأن ما تم استغلاله لا يتجاوز 10 % فقط من هذه المساحة. انطلاقاً من تلك المعطيات تأتي أهمية التعاون بين الطرفين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة. وتكمن اهمية ذلك في ان التحدي الاكبر الذي سيواجه المجتمع الدولي يتمثل في الامن الغذائي. * على ماذا تنص الاتفاقية التي عقدت بينكم ومجلس التعاون ؟ - إن ما قمنا بتوقيعه هو عبارة عن مذكرة تفاهم أدرجنا فيها ما ينبغي القيام به وما يفترض ان يتم. لدينا دول مجلس التعاون الخليجي. هنالك مستثمرون خليجيون للاستثمار في مجالات الزراعة والسياحة. وعليه يمكننا ان نضع مواردنا مع اموالهم لإيجاد الوظائف وفرص العمل وتحقيق الرفاهية للجميع ، فهي إذاً صفقة ناجحة من شأنها تحقيق الكسب لطرفيها وعلى حد سواء. كما قلت لقد اتخذنا الخطوة الاولى ومن ثم بقي لنا الانطلاق والمضي قدماً وفي واقع الامر فإن "الكوميسا" وقعت مذكرة التفاهم مع مجلس التعاون كما تم ايضاً توقيع اتفاقيات مع مجلس غرف دول الخليج ومع القطاع الخاص والغرف التجارية والصناعية في كل من دبيوجدة وغيرهما.حيث تم التوقيع مع نظيراتها من الغرف التجارية في "الكوميسا".اما استراتيجية السوق لدينا فهي تقوم على اساس التجارة والاستثمار . * متى يبدأ تطبيق هذه الاتفاقية ؟ - حتى قبل ان يتم التوقيع تم التنفيذ على سبيل المثال كانت لدينا بعثة وزارية هنا في شهر ديسمبر الماضي في كل من الرياضوجدة وايضاً في دول الخليج الاخرى ، ونتيجة لذلك ستكون هنالك مشاركة من قبل الغرف التجارية والصناعية هنا في المؤتمر الاستثماري الاقليمي لدول "الكوميسا" والذي سيعقد في شرم الشيخ في الفترة من 12-13 ابريل الجاري. وعليه فإننا بالفعل نعمل سوياً. بالاضافة لما تقدم لدينا مجموعة من المستثمرين السعوديين في "الكوميسا" حتى قبل توقيع الاتفاقية لدينا على سبيل المثال الأمير الوليد بن طلال لديه استثمار في فندق بمدينة نيروبي ايضاً هنالك مستثمرون سعوديون في رواندا في مجالات الفندقة والسياحة. *هل لدى "الكوميسا" النية في تطوير العلاقات وتوثيق التعاون مع دول اخرى – مثلاً مع الهند التي لديها الاقتصاد الاسرع نمواً في العالم ؟ - نعم لدينا مذكرة تفاهم مع الهند ايضاً توجد لدينا هيئة تجارية مع الهند ونبحث معهم جميعا اوجه التعاون في جميع مجالات التنمية. ومن الواضح ان الهند تعد إحدى الدول الاسرع نموا في العالم. ولكن لا ينبغي ان ننسى امراً واحداً هو ان ما نسبته 98% من واردات "الكوميسا" من النفط والمنتجات النفطية يأتي من دول الخليج. ولكن يجب علينا ايضاً ان ندرك ان دول التعاون تعد سوقاً محتملاً كبيراً للمنتجات الزراعية ، يمكنك ان تتخيل إذا تمكنا من انتاج المنتجات الزراعية المطلوبة من قبل المستهلكين في دول الخليج فإن هذا سوف يفضي طبعاً إلى تحسين مستوى المعيشة للناس لدينا ويعود عليهم بالمال. * ماهي الصعوبات التي تقف في سبيل اقامة علاقات اقتصادية جيدة مع الدول الاخرى؟ - ليس امامنا أي تحديات على الاطلاق، ذلك ان هدفنا الرئيسي هو التعاون الاقتصادي وهذا يفضي إلى وضع يكون فيه الطرفان رابحين. * اليس لديكم أي مصاعب في اقامة علاقات مع أي دول ؟ - هنالك مصالح متبادلة من حيث ماسبق توضيحه.. إنها مصالح مشتركة تفضي إلى تحقيق الكسب للجميع. * هل تعتقدون ان التحدي الامني يمثل التحدي الحقيقي لأي استثمار في افريقيا؟ - إن التحديات التي تواجه افريقيا هي باختصار تحديات ناجمة عن الفقر. عندما يكون الناس فقراء يسهل اقناعهم وتجنيدهم لخوض غمر الحروب. انظر إلى الحرب في الصومال إنها دولة فاشلة فهي فشلت اقتصادياً واجتماعياً ومن ثم تمزقت. اذا نظرت إلى خارطة الصراعات تجد ان بؤر الصراع تتركز في الدول التي يمشي فيها الفقر على ساقين، ولنأخذ اليمن والصومال على سبيل المثال تجد انها تعاني من فقر مدقع وتواجه ظروفاً بيئية غير مواتية حيث لا يوجد ماء ولا مراعي وتجد جماعات وطوائف مختلفة تقاتل بعضها البعض، وقد اصبحت ارضاً خصبة لتجنيد الارهابيين. على الاثرياء التدخل لكبح لجام الفقر ومعالجته. ربما نكون بحاجة إلى عشرة إلى خمسة عشرة مليار دولار سنوياً لاستثمارها في خلق وظائف وزيادة الانتاجية وبهذه الطريقة يمكن مكافحة الفقر. بالنسبة لي اذا سألتني ان كنت مستعداً للمشاركة في القتال فسوف ارفض ذلك لأن لدي ما أحميه واحافظ عليه ولكن اذا كنت فقيراً فليس لدي ما اخسره. * هل تعتقد بأن هناك تأثيرات للأزمة المالية العالمية على هذه الاتفاقية او أي اتفاقيات اخرى موقعة مع الكوميسا ؟ - ليس هناك تأثيرات البتة ما أراه الآن هو ان الاقتصاد يتعافى وينمو. مايجب ان ما نمنعه ونجول دون استشرائه هو جشع الانسان حتى في القرآن الكريم حض على عدم الجشع والغش والتدليس وإذا تمعنت الايات القرانية تجد ان هنالك تحذيرا من جشع وطمع البشر. * بخصوص تعاونكم مع الصين التي اصبحت عملاقاً اقتصادياً في افريقيا، كيف ترون التعاون بين الكوميسا والصين، وماهي افاق هذا التعاون؟ - الصينيون بحاجة إلى المواد الخام. الاقتصاد الصيني لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية وشهيته مفتوحة وكبيرة للسلع. وهناك حجم طلب كبير في الصين. وقد اضاف الصينيون قيمة للمواد الاولية بتصنيعها وقد اقامت الصين مناطق اقتصادية خاصة بها خمس دول افريقية زارها الرئيس هوجينتاو . وهناك زيادة ملحوظة في الاستثمارات الصينية الخاصة والمستثمرين الخاصين في افريقيا. اعلم بأن هناك من ينتقد الاستثمارات الصينية في افريقيا ويصفها بأنها غير جيدة ويقول بأن القوانيين الخاصة بالمستثمرين الصينيين هي الاخرى غير جيدة ولكن تلك مسؤولية الحكومات الافريقية التي يجب ان تؤكد على ضرورة التزام هؤلاء المستثمرون بالنظم والقوانين المتبعة في البلد. ولكنني ارى ان الصين لا تقدم حلولاً دائمة لمشاكل افريقيا، فالحلول التي تطرحها مؤقتة فبعد عشر إلى عشرين سنة من الآن سيصل الاقتصاد الصيني إلى مرحلة النضوج، ومن ثم مثلها مثل الاقتصاديات الاخرى فإن نمو اقتصادها لن يحافظ على معدلاته الحالية في حدود عشرة بالمائة خلال الثلاثين سنة الماضية ، ومن المحتمل ان يتراجع معدل نموه إلى 2.5 بالمائة تقريباً. وستكون افريقيا في هذه الحالة المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي لأن سكان افريقيا من الشباب،ولغنى القارة من حيث الثروات المعدنية وقد اكتشف البترول في بعض الدول الافريقية بكميات كبيرة الآن. * إذن انت لا ترى أي جانب سلبي في التعاون الافريقي الصيني؟ - ليس هنالك جوانب سلبية للتعاون مع الصين . هنالك شركات أوروبية وأميركية لديها استثمارات في الصين وهذا يدل على ان هنالك شيئاً تقدمه الصين . * هل ترى بأن اوروبا واميركا اهتمت بالجانب السياسي والصين اهتمت بالجانب الاقتصادي.. ؟ - الصين لم تستعمر أي دولة افريقية ولهذا لا نضعها في مقارنات مع احد والصين ليس لديها اطماع استعمارية مثلما كان عليه الاستعمار البريطاني او الفرنسي لإفريقيا. *وماذا عن الجانب الثقافي الا تخشون تغييراً ثقافياً ؟ - لا يوجد لدى الصين اطماع لغزو افريقيا ثقافياً . في المرحلة ما بعد الاستقلال في السبعينيات نجد ان من دعم الانقلابات العسكرية في افريقيا هي القوى الاستعمارية لأن هؤلاء الحكام العسكريين الافارقة ضمنوا لهذه القوى مصالحها ، ولكن العالم تغير الآن فالناس باتوا يطالبون بحكم رشيد وبالانتخابات وضمان حقوق الانسان. لا يحق لأحد ان يقول ان القوى الاستعمارية افضل من الصين لأن هذا غير صحيح لأن هذه القوى كانت لا تنظر إلا لمصالحها. هذا لا ينفي ان علاقتنا بالصين قائمة على مصالح متبادلة . *عودة إلى الاتفاقية، هل يمكن ان تقول بأن سفارة جيبوتي في الرياض لعبت دوراً في ذلك ؟ - ليس دور سفارة جيبوتي بل هو دور الكوميسا. جيبوتي نيابة عن الكوميسا . في عام 2007 عندما انتهت فترة رئاسة الوزير بامخرمة لمجلس وزراء الثقافة في الكوميسا طلب منه مجلس وزراء الكوميسا الاستمرار في المبادرة التي بدأها . ولإنجاح مهمتنا الحالية اصطحبنا معنا رئيس مجلس وزراء الكوميسا، واود ان اقول ان جيبوتي مفوضة بتعزيز التعاون مع دول التعاون والكوميسا على اعلى المستويات وقد تم تقويض الوزير بامخرمة لمتابعة البرنامج الذي بدأه عندما كان رئيساً لمجلس وزراء الثقافة في الكوميسا. وجيبوتي في العموم تسعى للترويج لمشاريع استراتيجية بين الجانبين في المنطقة فهنالك مشروع الجسر والطريق السريع الذي من المفترض بأن يربط بين اليمن وجيبوتي وليس فقط بين جيبوتي بل بأفريقيا بأكملها وهنالك مشروع السكة الحديد الذي يمتد من الخرطوم عبر جوبا ونيبروبي ليصل إلى الخليج . وإذا ماقام هذا المشروع فهو بالتأكيد سوف يحل مشكلة نقل البضائع بين الجانبين وستعود فوائده على المستثمرين.