نظّم "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" محاضرة بعنوان "سياسة تركيا الخارجية وانعكاساتها الإقليمية" للدكتورة التركية "مليحة بنلي ألطون إيشيق"، رئيسة قسم العلاقات الدولية في "جامعة الشرق الأوسط التقنية" بالعاصمة أنقرة، مساء الاثنين الماضي بمقر المركز في أبوظبي. وأكدت الباحثة أن السياسة الخارجية لتركيا تجاه منطقة الشرق الأوسط ، شهدت تحوّلات واضحة في السنوات الأخيرة، أبرزها المشاركة في النشاطات السياسية والاقتصادية التي تشهدها بلدان المنطقة، من خلال "القوة الناعمة" التي توظّفها لهذه المشاركة، فضلاً عن نشاطها الدبلوماسي في المشاركة في أدوار الوساطات، كطرف ثالث في الصراعات والنزاعات الإقليمية بين الدول والجماعات، مشيرة الى أن تركيا تسعى إلى تحسين وتطوير علاقاتها أيضاً مع جيرانها نتيجة سياستها القائمة على أهميّة القيام بمثل هذا الدور. وأشارت الدكتورة ألطون إيشيق إلى ثلاثة مجالات تتعلّق بسياسة تركيا الخارجية، وهي: المتغيّرات التي حصلت في النظامين الدولي والإقليمي، والتطوّرات في السياسة الداخلية، والعوامل الخاصة بصنع القرار، التي فتحت الباب أمام التحوّل في السياسة الخارجية التركية، مؤكّدة أن الوعي المتنامي، الشعبي والرسمي، التركي بأهميّة ودور المصالح المشتركة والذي شكّل حافزاً مهماً للمشاركة التركية الجديدة في الشرق الأوسط، وتطوّرت الرؤى في المنطقة إزاء تركيا فأصبحت أكثر إيجابية في السنوات الأخيرة، وتزايد الاهتمام والدعم في تركيا وخارجها للمشاركة في السياسات الإقليمية، مشيرة إلى الدور التركي في مبادرات إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وفي الوقت نفسه دورها في الوقوف مع الحقوق العربية في فلسطين ولبنان واستقرار العراق. وأضافت الدكتورة "ألطون إيشيق" في محاضرتها أن لدى الأطراف الفاعلة المختلفة في العالم العربي وجهات نظر مختلفة حول تركيا وأهميّتها للمنطقة؛ إذ يركّز بعضهم على تركيا بوصفها عنصراً استراتيجياً في ميزان القوى الإقليمي دائم التغيّر، بينما يرى آخرون في تركيا شريكاً اقتصادياً مهماً ويعدّ بالغ الأهميّة للحوار حول الإصلاح السياسي في المنطقة. وعن النفوذ الإيراني المتنامي لإيران في المنطقة، قالت الباحثة: إن أسباب هذا النفوذ يعود إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث استثمرت إيران الفراغ الأيديولوجي والثقافي والأمني الذي شهدته المنطقة بعد الغزو، ونجحت بالفعل أيضاً بسبب عدم قيام الولاياتالمتحدة بملء هذا الفراغ من جهة، وغياب أي دور عربي يسدّ هذا الفراغ من جهة أخرى. وأكدت الباحثة أن تركيا ومنذ عام 1998م، سعت إلى حلّ جميع المشكلات والخلافات العالقة بينها وبين الدول الإقليمية المجاورة كالعراق وسوريا وإيران، انطلاقاً من مبدأ أهميّة الشراكة والتعاون، وقد نجحت في أهدافها هذه، وباتت العلاقات مع سوريا التي توتّرت حقبة من الزمن بسبب المتمرّدين الأكراد، أفضل ما يكون، حيث أبرمت اتفاقات شراكة وتعاون استراتيجية وإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين، فيما بات عدد السيّاح الإيرانيين إلى تركيا يتجاوز المليون سائح سنوياً مع وجود اتفاقات تعاون وشراكة اقتصادية بين البلدين.