الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للتمكين في الأرض، وأصل خيرية الأمة، وعنصر سلامته، وصفة الصالحين المسارعين في الخيرات، الناطقين بالخير والبر، وهو سبب - برحمة الله - للنجاة من النار، وهو ركن لا يعذر بجهل أهميته مسلم، لذا فقد اهتمت المملكة بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل إنها تميزت وانفردت من غيرها من سائر الدول الإسلامية في إيجاد جهاز مستقل كبير يعنى بجانب الاحتساب على المخالف، وتذكير المقصر في جانب المعروف، والأخذ على أيديهما إن اقتضى الأمر ذلك، حتى أصبحت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر جهازاً مستقلاً يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء ويعين رئيسه بأمر ملكي برتبة وزير. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلقى العناية والاهتمام من هذه الدولة المباركة فقد نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 المؤرخ في 27/8/1412ه على قيام الدولة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد جاء في المادة الثالثة والعشرين ما نصه: «تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبيق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله». ولا غرابة فالمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها تلتزم في نهجها شرع الله تعالى؛ لأنها تدرك أن الإسلام الذي أرسى قواعد العدالة بنظام واجب الاتباع، ينبثق من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قد ألزمها ألا تفرق بين غني وفقير، ولا بين أبيض وأسود، ولأنها تؤمن بأن حقوق الإنسان الشاملة في الإسلام وهي ضمان الفرد والجماعة والدولة على السواء؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجب هؤلاء جميعاً كما قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..) وكما قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). أثر الهيئة في المجتمع جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز شرعي يقوم على مبادئ إسلامية أصيلة، يؤكدها ويعززها ولاة الأمر والأنظمة في المملكة العربية السعودية، وهو من أجهزة الضبط الاجتماعي التي لها تأثير كبير في الحفاظ على سلوك المجتمع، سيما مع تزايد التغيرات العالمية وتأثيراتها في بيئة مجتمعنا، ولذا فظهور أثر الجهاز من خلال حضور رجال الهيئة في الميادين العامة يحقق للمجتمع الأمن العقدي والأخلاقي وهما أهم عناصر الأمن الشامل في المجتمع السكينة العامة ولنشاط الهيئة أثر ملحوظ في حفظ ووقاية السلوك العام ودفع الاعتداءات. وبناءً على ذلك شهد المجتمع الآثار الإيجابية الناتجة عن قيام الهيئة بواجبها التي كان من أبرز أثارها: • المساهمة في الحفاظ على الأمن الأخلاقي والسلوكي في الميادين العامة. • إقامة المراكز التوجيهية التي تهدف إلى شغل أوقات أبناء المجتمع بما يعود عليهم بالنفع في الدارين، والتي تشتمل على المحاضرات الشرعية والتربوية، والأمسيات الشعرية، والمسابقات الثقافية، وبرامج الترفيه. • إلقاء المحاضرات والكلمات التوجيهية وعقد الندوات، التي يلقيها، أو يشارك فيها، أو يتولى التنسيق لها أحد منسوبي الرئاسة. • توزيع المطبوعات المقروءة والمواد المسموعة، التي تعالج الأمور المتعلقة بأعمال التوعية والتوجيه. •استقبال الزائرين من الدوائر الحكومية، والمؤسسات التعليمية، وبعض طلبة العلم. •مناصحة من يُرى عليهم بعض المخالفات الشرعية التي تدخل ضمن اختصاص عمل الرئاسة العامة. •معالجة المخالفات التي تقدح في سلامة المعتقد، أو تسيء لدين الإسلام من خلال ما قرره أئمة أهل السنة والجماعة، والعناية بإظهار شعائر الإسلام وإنكار فعل ما يناقضها، والحرص على سلامة المجتمع من ترك الصلاة، والعمل وقتها، أو الإفطار في نهار رمضان ونحوها. • الحد من قضايا الاعتداء على الأعراض قولاً أو فعلاً، مثل الدعارة والقوادة أو الزنا، والعلاقات المحرمة، وجرائم الاغتصاب، والاختطاف، أو اللواط، والشذوذ، والمعاكسات، والتحرش الجنسي، ونحوها. • المساهمة في ضبط جرائم شرب المسكرات، أو تعاطي المخدرات، أو تناول المؤثرات العقلية؛ لكونها أم الخبائث وبوابة كثير من الجرائم، ويشمل ذلك ضبط المخدرات مع الجهة المختصة، وضبط مصانع الخمور، وأماكن ترويجها ونحوها. • التعاون مع الجهات المختصة بضبط السلوك العام، ومنع كل ما يخالف الآداب العامة للمجتمع. • التنسيق مع الجهات المختصة في ضبط المطبوعات التي تخالف العقيدة، أو تسيء للأخلاق الفاضلة، مثل: الصور والأفلام الخليعة، ونحوها. • المشاركة في منع ظهور كل ما يخالف القواعد العامة المنظمة لعمل المحلات التجارية، والميادين العامة، ومنع ما يخل بالآداب، أو يساعد في حصول الجرائم. من بحوث الندوة حظيت ندوة الحسبة وعناية المملكة العربية السعودية بها بالعديد من الملفات العلمية المهمة في الإثراء العلمي لجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ذلك الجانب الذي تحظى الأمة بالخيرية من جراء القيام به. ولقد تناولت الندوة في محورها السابع (علاقة الهيئة بالأجهزة الحكومية والمؤسسات الأهلية والمجتمع بين الواقع والمأمول) بحث (علاقة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوسائل الإعلام الدولية) وهو بحث مقدم من د. عبدالله بن هاجس الشمري، تناول فيه كيفية تناول وسائل الإعلام الغربية أخبار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في العام 2008م، الذي شهد تصعيداً إعلامياً تجاه بعض الأخطاء الفنية والمهنية التي يقع بها رجال الهيئة في أثناء ممارستهم لعملهم، كما شهد إقبالاً كثيفاً من قبل وسائل الإعلام على تداول أخبار الهيئة وقراراتها التي قامت بها، ومنها أخبار وحوادث تتعلق بقضايا أخلاقية، أو مجتمعية، وقام الباحث برصد ما نشر عن الحسبة في وسائل الإعلام الألمانية عام 2008م وحلل تأثيراتها ونتائجها. وعن (الصورة الذهنية عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدى بعض أفراد مجتمع المدينةالمنورة) قدم الدكتور سهيل بن محمد القاسم مدير إدارة التوعية والتوجيه بفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينةالمنورة بحثه، وتناول فيه مشكلة التشويه السلبي في الصورة الذهنية عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية، لدى عينة الدراسة، والاستدلال بها على التشويه السلبي لهذه الصورة عموماً، مع تحديد جوانب التشويه، وقياس حجم التشويه في كل جانب، وتوضيح أهم المصادر في إحداث هذا التشويه، ودرجة تأثير كل مصدر، ومن ثم الخروج بنتائج واقعية. وقد اقتصرت الدراسة على مجتمع المدينةالمنورة، حيث اختيرت منها عينة الدراسة بالطريقة العشوائية البسيطة التي تعتمد مراعاة المساواة بين كافة الاحتمالات لكل أفراد مجتمع الدراسة الأصلي. كما القى الدكتور خالد بن حسن العبري بحث بعنوان (نظرة إلى الحسبة بين وظيفتين دينية ودنيوية). وعن المحور الثامن: (الاستشراف المستقبلي لمجالات الاحتساب في المملكة العربية السعودية) طرح في هذا المحور بحث بعنوان: (نحو استراتيجية اتصالية) للدكتور ياسر بن علي الشهري مساعد مدير عام الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بالرئاسة، كما طرح بحث (الاستشراف المستقبلي لمجالات الاحتساب في المملكة العربية السعودية) للدكتور عبدالله بن برجس الدوسري عضو مجلس الشورى الذي تناول من خلال عدة فصول ماذا تريد الهيئة من المجتمع مستقبلاً؟ وفي الفصل الثاني: ماذا يريد المجتمع من الهيئة مستقبلاً؟ وفي الفصل الثالث: استشراف مستقبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحدث الباحث في هذا الفصل عن واقع الهيئة الحالي وتطلعاتها.