توغلت في الأحمر اضطراراً لتبتعد عنه مسافة شيئاً فشيئاً ولكنها وجدت نفسها في النهاية غارقة فيه، ورغم تملصها وتنكرها وبراءتها منه، إلا أن التشكيلية السعودية علا حجازي وجدت نفسها متلبسة باللون الأحمر من أعلى لوحتها حتى ظل ريشتها وحاصرها من كل اتجاه، شكلاً ومضموناً، حيث برزت هيمنته في المساحات اللونية وكل الزوايا كما أطلقت عناوين عدة على معارضها بأسماء التصقت بالأحمر، مثل (أكثر من أحمر.. وبعيداً عن الأحمر). الأحمر سيطر على مساحات لوحاتها في كل معارضها الفنية سواء في باريس أو القاهرة أو دبي وحتى جدة، علا حجازي تعلو بلوحاتها لتسمو نحو الإبداع الحقيقي وتحجز النظر في ملء بصيرتها لتتدفق نحو الجدار لوناً أحمر يصرخ بأن هنا امرأة ترسم الفن التشكيلي بأنامل ناعمة في لوحات قوية وريشة رشيقة حيوية تنطق بحرارة الشوق لتحتضن زمن البراءة بدفء مخملي ولون أحمر داكن. يقول عنها الفنان التشكيلي حميد خزعل: علا حجازي فنانة تصادق زمن البراءة، وتلفت النظر بعفوية في فكرة وتشكيل معالمه البصرية التي تستمد خصوصيتها من فكرة المزج بين رؤية الفنانة وعالم رسوم الأطفال الذي تحكمه خصائصه البصرية والعقلية والعضلية عندما تقول الفنانة علا حجازي «الصفحة البيضاء أكرهها لذا أشخبط عليها بأي شيء.. المهم ألا تبقى بيضاء» فإنها تعيدنا إلى زمن البراءة زمن فيه إن وقعت يدك على صفحة بيضاء وتركتها على حالها فهذا يعتبر خطيئة!. لوحات علا حجازي تشكل نقلة نوعية في لوحات الفنانات السعوديات وقد تخطت المحلية إلى العالمية من خلال مثابرتها ومتابعتها للحركة التشكيلية في المنطقة العربية والعالم، وأخذت جرأة أعمالها من لون لوحاتها الأحمر ومن أناملها الرقيقة واسمها توقيعاً يتقدم على الكثير من أبناء جيلها الفنانات، فأنشأت موقعها باللغة الإنجليزية ونشرت لوحاتها عبره. وكان الأحمر مكرساً في أعمالها ولا أدري هل هي ترمز للخطوط الحمر التي استطاعت أن تتجاوزها أم أن لديها خطوطاً حمراء تريد كسرها بهذا العنفوان الجامح من الإبداع والتألق؟ فهي فنانة مبدعة تمتلك ريشة رقيقة وحساسة وقوية وأنامل جريئة وتكنيك عالي الدقة في تكوين لوحاتها التشكيلية التي تبهر المتلقي في إطار بنيوي واستعراض مفاصل الخطط المدروسة في الظل والضوء والمنظور واختيار الألوان المتناسقة والمترابطة مع جمالية اللوحة التشكيلية واستنطاقها للموضوع الذي تريد. وفضلاً أن علا حجازي فنانة تشكيلية سعودية من طراز خاص فهي كاتبة مبدعة تمتلك أدوات الكاتب وحرفية الناقد المتفحص لطرح الفكرة وانسجام الموضوع مع الدراسة التي تريد أن توصلها، فهي مهرة عربية أصيلة جامحة تريد أن تروض لوحاتها وأناختها للمتلقي البسيط ليفهم ماذا يجري من حوله من أحداث دامية يطغى عليها اللون الأحمر!. علا حجازي رسامة تعرف أسرار العالم من خلال الرسم وتمتلك ريشة حرة وقدر عال من المعرفة بفلسفة الفن التشكيلي فهي دارسة للأدب العربي وتعرف كل ما هو معرفي مدغم بالإبداع والنص والفكرة والشكل والمضمون وبالرسم المفعم بالمشاعر الرقيقة والإحساس العالي. إنها رسامة بارعة تستطيع ان تنطق من خلال لوحاتها باعتبار أعمالها حقائق فنية وقوس قزح يطل من البحر الأحمر. من أعمالها