نظمت عدة جهات علمية محلية وعالمية برامج علمية وتوعوية بخصوص اليوم العالمي للدرن والذي وافق يوم 24 مارس/آذار الماضي. لذلك رأينا أن نناقش موضوع الدرن الرئوي كمرض قديم جديد في نفس الوقت حيث بدأ هذا المرض المعدي يعود بشكل قوي في العالم أجمع. والدرن او السل، مرض تسببه بكتيريا تعرف بميكوبكتيريا الدرن وهذه البكتيريا يمكن أن تهاجم أي جزء من أجزاء الجسم ولكنها في أغلب الحالات تصيب الرئتين. وقد كان المرض في فترات سابقة السبب الأول للوفاة على مستوى العالم. ومنذ اكتشاف علاج للدرن في الاربعينيات الميلادية بدأ المرض في الانحسار التدريجي عالمياً ولكنه عاد للظهور بقوة مرة اخرى في منتصف الثمانينيات الميلادية. فبين العام 93 والعام 96 من القرن الماضي ازدادت حالات الدرن بنسبة 13% على مستوى العالم. وتعزى عودة مرض الدرن لعدة أسباب منها: ظهور وانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز)، كثرة السفر والتنقل والهجرة بين دول العالم وخاصة من الدول التي يعتبر المرض مستوطناً فيها إلى الدول الأقل تأثراً بالمرض وعدم دعم البرامج التوعوية والعلاجية التي تؤدي إلى الحد من انتشار المرض. وفي المملكة العربية السعودية يعتبر توافد العمالة من مختلف مناطق العالم وخاصة دول جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية - حيث يعتبر مرض الدرن مستوطناً وشائعاً هناك - احد أهم الأسباب لانتشار المرض، وهذا يؤكد أهمية الالتزام بالضوابط والقوانين التي وضعتها وزارة الصحة ومكتب العمل والعمال من الكشف الطبي على العمالة القادمة للمملكة للتأكد من خلوها من المرض ، كما أن سكن العمال في مناطق ضيقة، سيئة التهوية وبأعداد كبيرة قد يساعد على انتشار المرض بين العمالة الوافدة. ويتسبب مرض الدرن في وفاة 2- 3 ملايين شخص كل سنة على المستوى العالمي ويعتبر السبب الأول للوفاة مقارنة بجميع الأمراض المعدية الأخرى مثل الملاريا ومرض نقص المناعة المكتسبة وتقدر منظمة الصحة العالمية انه من الآن وحتى عام 2020م سيكون هناك بليون حالة جديدة حاملة للمرض، 200 مليون شخص سيصابون بالمرض وسبعون مليون حالة وفاة إذا لم تتم السيطرة على المرض. ويعتبر مرض الدرن، مرضا معديا ينتقل عن طريق الهواء والرذاذ، والمرضى المصابون بالدرن الرئوي هم الذين ينقلون المرض فقط، وإذا لم يعالج المصاب بمرض الدرن فإنه ينقل المرض إلى حوالي 10- 15 شخصا سنوياً، وعلى التقريب يتعرض واحد بالمائة من سكان العالم لبكتيريا الدرن كل عام أو بمعنى آخر شخص واحد في كل ثانية، وبصفة عامة فثلث سكان العالم يعتبرون حاملين لبكتيريا الدرن، ويصاب 5-10% من حاملي البكتيريا بالمرض خلال حياتهم ويصبحون ناقلين للمرض. وهناك علاقة وثيقة بين مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) والدرن فكل واحد منهما يسارع في تقدم وسرعة ظهور أعراض الآخر، وقد ساهم مرض الايدز بقوة في عودة وانتشار مرض الدرن، ويقدر أن يتسبب مرض الايدز في 15% من حالات الدرن، ومرض الايدز يضعف الجهاز المناعي في الجسم مما يؤدي إلى سرعة انتشار الدرن، حيث احتمال التحول من حامل بكتيريا الدرن إلى مصاب بمرض الايدز. ويذكر أن مرض الدرن هو السبب الرئيسي للوفاة عند مرضى الايدز، حيث يتسبب تقريباً في وفاة ثلث المصابين بمرض الإيدز على مستوى العالم؛ ووفاة 40% من المصابين بمرض الإيدز في آسيا وأفريقيا. وفي أفريقيا يعتبر مرض الايدز السبب الرئيسي لزيادة انتشار مرض الدرن في السنوات العشر الماضية، وأظهرت الإحصاءات انه في العام 1997 كان عدد المصابين بمرض الايدز 31 مليون شخص على مستوى العالم ثلثهم على التقريب يعتقد أنهم حاملون لبكتيريا الدرن.