بدأ مؤتمر الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف أعماله أمس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حيث بدئ بجلسة رأسها صاحب المعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد رئيس المحكمة العليا. وفي بداية الجلسة ألقي بحث سماحة شيخ الأزهر السابق الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله بعنوان "مخاطر الإرهاب وآثاره" وألقاه نيابة عنه سماحة مفتي مصر الشيخ الدكتور علي جمعة ، وجاء البحث الثاني لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بعنوان: “الإرهاب جريمة العصر". وقد شهدت الجلسة عدة مداخلات كان أبرزها مداخلة مفتي مصر الدكتور علي جمعة التي أكد فيها أن الإسلام يبيح الكفاح المسلح لدرء العدوان ومقاومة المعتدي. وقال: إن "جهاد الدفع جهاد مطلوب" مستدلاً بأدلة من القرآن الكريم. وفي ردٍ على سؤال أحد المداخلين في المؤتمر قال د. جمعة إنه حتى مقررات جنيف الأولى والثانية تجيز مقاومة المعتدي باعتبار ذلك كفاحاً مسلحاً لا إرهاباً مستشهداً بالحالة الفلسطينية وأن ذلك ينطبق عليها. ورداً على مداخلة عن تسمية الفكر الإرهابي بفكر "الخوارج" قال الدكتور على جمعة: إن هذا الوصف أطلق باعتبار أن هؤلاء الإرهابيين يخرجون على المسلمين ويسفكون دماءهم ويروعون، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الخوارج بأنهم "كلاب جهنم". وعن الجهاد وموقف حكام المسلمين منه أكد المفتى أن الجهاد يتطلب "المُكْنة" أي القدرة والإمكانية والاستطاعة، ولذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب منه أصحابه وهو بمكة أن يقاتلوا المشركين، وكذلك في صلح الحديبية. جانب من الحضور وجاءت الجلسة الثانية تحت محور منابع فكر التطرف ورأسها الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وغاب عنها خبير شؤون الجماعات الإرهابية في وزارة الداخلية اللواء سعيد بن عمير البيشي بعد أن لفت عنوان بحثه المقدم في المؤتمر وتحت عنوان البعد الإنساني في استراتيجية وزارة الداخلية اثناء مكافحة الإرهاب أنظار المفكرين والمثقفين والباحثين. واكتفى رئيس الجلسة بأخذ عدد من المداخلات والتي لم تتجاوز السبع مداخلات نتيجة ضيق الوقت عقب أن اقتصرت الجلسة على تقديم نبذة مختصرة عن البحوث المقدمة في الجلسة والذي بلغت ثمانية مواضيع تنوعت من باحث لآخر. وبرزت مداخلات القسم النسائي من خلال عضوة هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة عزيزة المانع في المطالبة بمواجهة الشائعات وعلى الإعلام التحذير منه في حين تساءلت عضوة هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة فاطمة بنت عادل السلمي عن مدى استفادة لجان المناصحة بوزارة الداخلية من المناصحة في الدول العالمية الأخرى إلا أن الإعلامية من إذاعة جدة الزميلة نجوى مؤمنة تركزت مداخلتها في دور الأسرة والتي تقوم بزرع حب الانتماء لهذا الوطن في نفوس ابنائها وفي حين يؤثر العنف الأسري وما يدور بداخل الأسرة وبين الزوج والزوجة من شجار في تهيئة الأبناء ليكونوا فريسة لأصحاب الفكر الضال . كما طالبت بالاستفادة من طاقات الشباب والعمل على استغلالها في كل ما يخدم الوطن وذلك من خلال فتح باب التجنيد لهم وتوفر الفرص الوظيفية المناسبة لهم. في حين تمثلت مداخلات الحضور من الرجال في اربع مداخلات كانت الأولى للدكتور علي الخضيري بالمطالبة بتأصيل الجهاد في المناهج الدراسية لعدم معرفة صغار السن بهذا الأمر استدعى الفئة الضالة وأصحاب الفكر المشوش إلى التشويش عليهم والتغرير بهم بالجهاد في أوطانهم . وتمثلت مداخلة الكاتب الدكتور محمد الهرفي في التعليق على بحث الدكتور محمد علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بأن مكافحة الإرهاب في قاعات التدريس بالجامعات بعدم وجوده. كما داخل بحث الدكتور عطية صقر حيال الشائعات بضرورة أن تدلي الأجهزة المعنية بالمعلومات الحقيقية دون تعتيم أو تضليل. في حين كانت مداخلة الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر بضرورة الحوار مع من وقعوا فريسة لهذا الفكر ومقترح بأن يتم هذا الحوار بشكل معلن ويتم دراسته من جميع جوانبها. إلا أن الأستاذ بكلية الملك فهد الأمنية محمد النجيمي أكد بأن الأعلام مقصر في نقل مثل هذه المؤتمرات والندوات والمحاضرات ومطالباً بضرورة تظافر الجهود مع الأجهزة الأمنية لتجفيف منابع هذا الفكر والحد منه . وفي الجلسة الثالثة التي رأسها معالي الدكتور صالح بن سعود آل علي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، قدمت عدة أبحاث حول الحوار ودوره في معالجة الفكر المنحرف، جاء أولها بعنوان "الحوار وأثره في علاج التطرف"، وآخر بعنوان "ثقافة الحوار ودورها في الحد من ظاهرة التطرف"، كما قدم بحث بعنوان: “من الحصار إلى الحوار: في معالجة التطرف"، وبحث عن "حوار العلماء مع أصحاب الاتجاهات الضالة وأثره في معالجة الموقف المجتمعي للفكر المتطرف"، وبحث حول ثقافة الحوار وأثرها في محاربة تطرف الفكر"، وبحثاً حول "المسؤولية المدنية للجماعات الإرهابية تجاه المضرورين من جريمة الإرهاب، دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي"، واختتمت الجلسة ببحث بعنوان "نظام مفتوح ومتكامل لمكافحة إرهاب الإنترنت". واتفق الباحثون الذين قدمت أبحاثهم في هذه الجلسة على ضرورة انتهاج الحوار في تصحيح الفكر المنحرف، مؤكدين أن نسبة كبيرة من المتأثرين بالفكر المنحرف هم جهلة اغتروا به دون وعي أو تفكير.