جالسة على مقعد بمخيم للفقراء البيض في جنوب افريقيا حملت ان لو رو (60 عاما) صورة تضرب الى الصفرة من حفل زفاف ابنتها. والتقطت الصورة بعد فترة ليست بالبعيدة من تولي نيلسون مانديلا رئاسة البلاد عام 1994 ليصبح أول رئيس أسود لجنوب افريقيا - وهي تظهر لو رو وهي واقفة مع زوجها الجنوب افريقي الذي ينحدر من أصول أوروبية وابنتهما خارج منزلهم في ميلفيل وهو حي راق في جوهانسبرج. بعد مرور 16 عاما على هذا تعيش في منزل متنقل وخيمة تشارك فيهما سبعة أشخاص آخرين من ضمنهم ابنتها وأربعة أحفاد في مخيم للفقراء من البيض في جنوب افريقيا. إنها واحدة من عدد متزايد من البيض الذين يعيشون تحت خط الفقر في جنوب افريقيا الذين ينحون باللائمة على سياسات التمييز الإيجابي والحكومة المنتخبة التي يقودها حزب المؤتمر الوطني الافريقي في معاناتهم. واضطرت لو رو لبيع منزلها بعد وفاة زوجها وفقدت وظيفتها كسكرتيرة بمجلس تخطيط المدينة حيث عملت لمدة 26 عاما بعد أن نالت فترة راحة من عملها للتعافي من فقد زوجها. وقالت وهي تنظر الى الصورة "رفضوا استعادتي بسبب الوضع السياسي." وأضافت لو رو مكررة شكوى الكثير من فقراء البيض ومعظمهم من نسل المستوطنين الهولنديين والفرنسيين الأوائل "لم يعد لوننا اللون الملائم الآن في جنوب افريقيا." وفي حين أن معظم سكان جنوب افريقيا البيض ما زالوا يتمتعون بحياة من الامتيازات الى جانب ثروة نسبية فإن أعداد الفقراء البيض ارتفعت باطراد على مدار الاعوام الخمسة عشر الماضية. ويقول معهد الدراسات الأمنية بجنوب افريقيا إن معدل البطالة بين البيض تضاعف تقريبا بين عامي 1995 و2005 . وكانت حكومة حزب المؤتمر الوطني في إطار سعيها لإنهاء عقود من التمييز العنصري قد طبقت قوانين التمييز الإيجابي التي تشجع توظيف السود وتهدف الى منح سكان جنوب افريقيا السود نصيبا اكبر من الاقتصاد. وأدى هذا التغير في ممارسات التوظيف العنصرية الذي تزامن مع تداعيات الأزمة المالية العالمية الى معاناة الكثير من سكان جنوب افريقيا البيض من مشاكل مالية. ويعيش 450 الفا من سكان جنوب افريقيا البيض على الأقل اي عشرة في المئة من إجمالي عدد السكان البيض تحت خط الفقر ويكافح 100 الف حتى يستمروا على قيد الحياة وفقا لما تقوله منظمات مدنية ونقابة (التضامن) العمالية التي يغلب على أعضائها البيض. ويبلغ عدد سكان جنوب افريقيا نحو 50 مليونا. وانتهى المطاف بالكثير من فقراء البيض في أماكن مثل متنزه كورونيشن في كروجرسدروب الى الغرب من جوهانسبرج وهو موقع لتجمع المنازل المتنقلة الى جانب خزان للمياه ومتنزه عام كانت ترتاده عائلات الطبقة المتوسطة في عطلات نهاية الأسبوع. الآن يعيش به نحو 400 من فقراء البيض في خيام ومنازل متنقلة مكدسة ويشتركون في مبنى واحد للاغتسال. وتتجول القطط والكلاب في أنحاء المخيم متنقلة بين أكوام القمامة والمعدن الخردة وقطع غيار السيارات. ويوقد السكان النيران لتسخين المياه وطهو الطعام. وقطع المجلس المحلي الكهرباء عن المخيم بعد أن فشل في إجلاء الفقراء البيض. وكان المجلس يريد تنمية المنطقة لتصبح منطقة لمشاهدة شاشة عرض ضخمة من أجل مباريات كرة القدم وذلك قبل بطولة كأس العالم التي تستضيفها جنوب افريقيا في يونيو حزيران ويوليو تموز. ويعيش بعض السكان ومن بينهم ثلاثة من سكان جنوب افريقيا السود منذ ثلاثة أعوام هناك بينما وصل آخرون في الأسابيع الأخيرة. وقال دينيس بوشوف (38 عاما) "لو لم تكن لديك وظيفة ولا تملك مالا الى أين ستذهب؟ لا أحد يريد مساعدتك. هذا هو المكان الوحيد الذي يمكن الذهاب اليه. وأجرى رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما زيارة لمخيم لفقراء البيض قرب العاصمة بريتوريا العام الماضي قبل انتخابه وقال إنه "مصدوم ومندهش". وأضاف حينذاك "العدد الكبير من الفقراء بين السود لا يعني أن علينا تجاهل الفقر بين البيض والذي أصبح الحديث عنه مثار إحراج." والفقر بين البيض في جنوب افريقيا موضوع له حساسية سياسية ولا يحظى باهتمام يذكر لكنه ليس جديدا. وفي ظل سياسة التمييز العنصري التي بدأ تطبيقها عام 1948 تمتع البيض بحماية هائلة ووظائف. وتمتع البيض الأضعف والأقل تعليما بالحماية من قبل الجهاز المدني والشركات الصناعية المملوكة للدولة التي كانت تؤدي وظيفة برامج توفير فرص العمل لتضمن حتى لأفقر فقراء البيض منزلا ومصدرا للرزق. لكن مع زوال شبكة الأمان الاقتصادي هذه يجد البيض من سكان جنوب افريقيا ممن لا يتمتعون بالمهارات الكافية أنفسهم على الجانب الخاطئ من التاريخ ولا يحصلون على تعاطف يذكر من هؤلاء الذين يعتبرون أنهم استفادوا بشكل جائر خلال سنوات التمييز العنصري الوحشية. وتقول نقابة (التضامن) العمالية إن هناك نحو 430 الفا من البيض الذين يعيشون في مخيمات للفقراء. وحول العاصمة بريتوريا وحدها هناك 80 مستوطنة للفقراء. ويوجد اكثر من الفي مخيم للفقراء السود وهي اكبر كثيرا في أنحاء جنوب افريقيا. وقال بوشوف "نصيب السود اكبر من البيض في الوقت الحالي. إنهم يدفعون الى الأمام على حسابنا. لهذا فان جميعنا هنا. هذا ظلم بين لأنهم أخبرونا بأنه ستكون هناك مساواة لكن ليست هناك مساواة." أم بيضاء مشردة تتجول مع أبنائها (رويترز)