قرأت قبل أيام عن اختراع مفيد لكل من تراكمت عليه كلمات المرور والأرقام السرية .. ففي نيويورك بدأت تنتشر عيادات إلكترونية مهمتها زرع شريحة بيانات صغيرة (بحجم حبة الأرز) بين الإبهام والسبابة تضم كافة بياناتك الشخصية وأرقامك السرية وكل ما تخشى عليه من الضياع أو الانكشاف .. وهي بمثابة بصمتك الإلكترونية التي تتيح لك دخول حساباتك على الانترنت، أو سحب المال من الصراف ،أو فتح اشتراكاتك على الشبكة ،أو التحقق من بياناتك الشخصية .. وهي تعمل من خلال جهاز استشعار خارجي (يشبه قارئ الأسعار في المحال الكبيرة) يقرأ محتويات الشريحة فور تقريب يدك دون الحاجة لوضع كلمة مرور أو رقم سري... ولا أخفي عليكم نال هذا الاختراع إعجابي كوني أحفظ حتى الآن سبعة أرقام سرية (مابين بطاقات وحسابات بنكية) وأكثر من 11 رقما وكلمة مرور خاصة بمواقع الإنترنت (بدأت في الاختلاط مع بعضها بطريقة غير شرعية) ... ولا أعتقد أن شخصي المتواضع حالة استثنائية كوننا نعيش هذه الأيام ثقافة الكترونية شاملة تتطلب أرقاما سرية ورموزا مشفرة لكل شيء تقريبا (ويزيد الطينة بلة عدم وجوب كتابتها أو تسجيلها أو وضعها في أي مكان خارج جماجمنا المزدحمة) !! ... أما من الناحية التاريخية فيجب أن نفرق بين "كلمة المرور" و "الرقم السري" .. فكلمة المرور اختراع قديم استعمله البابليون والرومان لضمان عدم دخول الغرباء الى المدن ومعسكرات الجيش .. وكانت تعتمد على الربط بين "سؤال" و "جواب" بطريقة استثنائية وغير متوقعة كأن يسألك حارس المعسكر "أين سافرت الطيور اليوم؟" فتجيبه "إلى حدود الشمس" فيسمح له بالدخول / أو يقتلك في حال أجبت بطريقة خاطئة .. وزيادة في التعقيد يعطى أعضاء المعسكر كل صباح كلمة مرور جديدة ومختلفة وهي طريقة مازالت تستعمل حتى اليوم في معسكرات الجيش الأمريكي وبيوت الشباب في هولندا وبلجيكا كما جربت شخصيا !! ... أما "الرقم السري" فاختراع أكثر حداثة ويتعلق بالتعامل مع الأجهزة الإلكترونية وظهر (كفكرة) مع بداية ظهور شبكات المشاركة الإلكترونية عام 1961 . ويعود الفضل الى مهندس يدعى روبرت موريس في وضع أول بروتوكول لتضمين الأرقام السرية في البرامج الإلكترونية بحيث أصبحت إجراءً قياسياً يتقيد بها كافة المبرمجين (ومن ذلك إظهارها كدوائر سوداء بحيث لا يعرفها من يقف بقربك) .. وسرعان ما تسربت فكرة الرقم السري إلى حسابات الانترنت وبطاقات الإئتمان وصرافات البنوك وشفرات الستالايت ومفاتيح الخزن والسيارات وكل ما تعرفه ويخطر ببالك من أنظمة التشغيل الإلكترونية... ومع انفجار فقاعة الانترنت في مطلع التسعينيات طور الهكرز خبرات وبرامج تخمين هددت أمن الشبكة في مناسبات مختلفة (لعل أكثرها ضخامة ما حدث في يوليو 1998 حين جمع أحد الهكرز 186,126 حساباً عشوائياً نجح في فتح 47,642 منها بواسطة برامج تخمين من ابتكاره) .. ولكن الجميل في الموضوع أن كل حادثة اقتحام من هذا النوع تستدعي أفكارا وتقنيات وبرامج تزيد من مستوى الأمان على الشبكة بحيث لم تتكرر حادثة بهذا الاتساع منذ ذلك التاريخ رغم تضاعف أعداد المستخدمين.. على أي حال؛ مهما ارتفع مستوى الأمان على الشبكة يبقى على كل فرد تحمل مسؤولية إنشاء أرقام سرية و"كلمات مرور" خاصة به لا يعرفها أحد غيره ... وإليكم هذه المعلومة الغريبة (التي سبق وأرسلتها للمشتركين في جوال حول العالم) ويمكن وضعها تحت خانة صدق أو لا تصدق: .... فحتى عام 1979 كان الرمز السري الخاص بإطلاق الصواريخ النووية الأمريكية العابرة للقارات هو: 000,000,000