أزمة ديون اليونان وصفتها صحيفة واشنطن بوست "بالزلزال"، ونصح اثنان من البرلمانيين الألمانيين من أنصار المستشارة "ميركل" ببيع بعض الجزر اليونانية لسداد الديون الحكومية، بل أصر عضو البرلمان السيد يوزيف شارلمان أن تتجه حكومة بابندريو لبيع المباني والشركات والأراضي التي تملكها الحكومة لسداد الدائنين، ومع رفض تام لأي مساعدة ألمانية لليونان أو لأي دولة من دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن، وتبلغ المديونيات الحكومية 300 مليار دولار، وكانت أولى الخطوات للحكومة اليونانية تخفيض الرواتب ورفع الضرائب وهي من أصعب القرارات التي يواجهها العمال في اليونان مما أدى إلى مظاهرات عارمة بالبلاد من خلال النقابات التي تقود أكثر من مليونين من العمال، وأيضا اتبعت الحكومة اليونانية إصدار سندات معيارية باليورو تستحق بعد 10 سنوات بسعر استرشادي للسندات بلغ 310 نقطة أساس، وهو أعلى من المتوسط بكثير وهذا ما يشكل خطرا كبيرا مستقبليا إضافيا، واليونان الآن لديها "استحقاق" 20 مليار يورو في شهر أبريل، وهي تسابق الزمن لسداد هذا الاستحقاق وإلا اعتبرت دولة "مفلسة"، ودول الاتحاد الاوروبي تشاهد وتتابع بلا حراك حتى اللحظة. وصحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى أن بنك قولدمان ساكس قد أخفى معاملات مالية للحكومة اليونانية منذ 2001م. والحكومة اليونانية تقول ان العجز في الموازنة مقارنة بالناتج المحلي هو 3.7% ولكن الحقيقة هي 12.7%. هذا ملخص للأزمة اليونانية والديون التي وصلت الآن مرحلة الغرق، السؤال الآن: ماذا فعل الاتحاد الأوروبي أمام هذه المعضلة الاقتصادية الكبرى؟ ما مصير اليورو بعد هذه الأزمة وفي حال عدم دعم اليونان هل يتفكك؟ من سيكون بعد اليونان أسبانيا أم أيطاليا أم البرتغال أم بريطانيا؟ وكل هذه الدول الأوروبية وغيرها لديها من المديونيات ما يصل إلى نسب عالية جدا من الناتج القومي، الاتحاد الأوروبي سيكون مجبرا لا شك بدعم اليونان، ولكن ماذا عن انفجار آخر في الدول التي ستتبعها؟ الديون تعالج بديون أعلى كلفة، والنمو الاقتصادي ضعيف، والبطالة ترتفع، والفائدة يصعب رفعها رغم التضخم الذي يرتفع بلا توقف، سياسات نقدية هي الأصعب الآن يمكن تطبيقها، والحلول المطروحة الآن سندات بسعر يفوق المتوسط والدول تشترط أي المشترية، الأكثر تأزيما الآن وصعوبة أن اليونان ليس أزمتها منفردة أو خاصة بها، بل هي سلسلة مترابطة مع العالم جميعا، فمن هو الذي أقرض اليونان 300 مليار دولار؟ من هم المعترضون؟ هذا سؤال آخر سأتركه لوقت آخر، والدول الأخرى التي ستعاني كما اليونان من هم المقرضون والدائنون لها. سأخرج من هذه الأزمة اليونانية وقبلها الأمريكية العالمية وحتى على النطاق الفردي بخلاصة واحدة يجب عدم الخروج عنها وهي عدم الاقتراض بالكلية ما لم تكن الملاءة المالية تفوق حجم المديونية سواء حكومات أو شركات أو مؤسسات أو أفرادا، عدى ذلك ستنشأ الأزمات وتكون مترابطة وسلسلة تجر بعضها بعض، يصعب علي حصر الموضوع بمجمله هنا ولكن ليس كل وحدة نقدية جيدة ولا كل اتحاد يعني شيئا في ظل سياسات نقدية ومالية فاسدة أو متخبطة أو دول تعاني من المديونيات ما يفوق قدرتها حتى وان باعت نفسها.