إن علاقات الهند مع شعب شبه الجزيرة العربية ترجع إلى آلاف السنين عندما كان البحارة والتجار من الهند ودول الخليج يعبرون المحيط الهندي في القوارب التي شيدت من خشب الساج من منطقة مالابار. وأجدادنا لم يقوموا بتبادل البضائع فحسب، بل وقاموا أيضاً بتبادل الأفكار حول الثقافة والدين والمجتمع من خلال هذا الاتصال الطويل والكبير. ونتيجة لهذا التبادل الثري، يوجد اليوم تقارب ثقافي وحضاري رائع بين شعب الهند وشعب شبه الجزيرة. وقد استمرت هذه العلاقات في التحديث والإثراء عبر القرون. وكانت الهند تقوم بتوفير معظم احتياجات الناس في شبه الجزيرة، بما في ذلك الضروريات مثل المواد الغذائية والمنسوجات، وكذلك مواد المعيشة الكريمة مثل الحرير والحلي والمجوهرات. وفي العصر الحديث، أعجبت الهند بجهود جلالة الملك عبد العزيز آل سعود المغفور له لتوحيد القبائل العديدة في شبه الجزيرة وتأسيس المملكة العربية السعودية. وكما قام الهنود بدعم الجهود الكبيرة التي بذلها الملك عبد العزيز والحكام الذين خلفوه لاهتمامهم الكبير بجميع جوانب إدارة الحج لتمكين ضيوف الرحمن من تأدية مناسك الحج بالراحة والاطمئنان. وقد تعززت علاقاتنا الثنائية بالتفاعل على أعلى مستوى عندما قام جلالة الملك سعود بزيارة الهند عام 1955، تلت ذلك، خلال عام واحد، الزيارة التي قام بها دولة السيد/نهرو، رئيس الوزراء الهندي آنذاك، إلى المملكة. والزيارات التي تمت بعد ذلك كانت لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز، ولي العهد آنذاك، إلى الهند عام 1959، والزيارة التي قام بها دولة رئيس الوزراء انديرا غاندي عام 1982. وعلى كل حال، قد تم وضع الأسس التي تقوم عليها العلاقة المعاصرة خلال الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الهند في يناير 2006، عندما كان ضيفنا بمناسبة عيد الجمهورية للهند. ومن خلال "إعلان دلهي" ، الموقع في نهاية الزيارة، التزم الزعيمان بمواصلة السعي لرؤية إستراتيجية مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية من أجل المنفعة المتبادلة وكذلك بالنسبة للسلام والأمن في المنطقة ككل. مبنياً على خارطة الطريق المبينة في إعلان دلهي، وقد تعززت علاقاتنا الثنائية منذ ذلك الحين مع الزيارات المنتظمة على المستوى الوزاري، والعلاقات الاقتصادية المتينة، على أساس العلاقات التجارية والاستثمارات الضخمة في كلا البلدين. وتعد المملكة العربية السعودية اليوم رابع اكبر شريك تجاري للهند حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين أكثر من 25 مليار دولار. كما زادت الاستثمارات الهندية في المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ منذ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ويوجد حالياً ما يزيد على 550 من الشركات الصغيرة والمتوسطة الهندية في المملكة تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 2.5 مليار دولار. وهناك دور كبير في تقريب البلدين معاً لعبته الجالية الهندية التي شاركت بحماس في جميع المشاريع التنموية الكبرى في المملكة. فإنه ليس من المستغرب أن الهنود، الذين وصل عددهم الآن إلى ما يقرب من 2 مليون نسمة، يشكلون أكبر جالية من المغتربين في المملكة. وتوفر زيارة دولة رئيس الوزراء الهندي إلى المملكة العربية السعودية فرصةً للقادة لاستعراض السيناريو الإقليمي والعالمي والمزيد من تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وحوارهم سيكون هاما للغاية نظراً لأن البلدين يعترفان بالحاجة إلى تبادل وجهات النظر فيما يتعلق بمنطقتنا المشتركة التي تمر بعدم الاستقرار وانعدام الأمن بصورة كبيرة. ومن المتوقع أن يلزما نفسيهما بالانضمام إلى قوات لمكافحة سوط التطرف والعنف الذي يشكل تهديدا لجميع الدول في المنطقة. إلى جانب هذا، فبزيارة دولة رئيس الوزراء الهندي، سوف تتلقى العلاقات الاقتصادية الثنائية دفعة خاصة، باقتراح الهند لزيادة الاستثمارات السعودية في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، وفي حين أن المملكة، بدورها، ستسعى إلى زيادة المشاريع المشتركة الهندية في المملكة في الصناعة والخدمات المبنية على المعرفة. ومشاركة الزعيمين والشعبين، والتي ستحظى باهتمام خاص خلال زيارة دولة رئيس الوزراء، هي جزء من سلسلة طويلة من العلاقات التاريخية التي ترجع إلى آلاف السنين، وقد عملت على تعريف مشترك لثقافتنا وقيمنا المجتمعية، وقد شجعت الرغبة القوية من كلا الجانبين على العمل معاً من أجل المنفعة المشتركة لكلا الشعبين. * سفير الهند لدى المملكة