هل يمكن للنوم الكافي أن يجلب لنا الراحة المطلوبة ؟ سؤال أفضل : هل يمكن ان يجعلنا أكثر وعيا وتفهما ؟ وربما أكثر طيبة وصبرا مع متطلبات يومنا ومهامنا الحياتية؟ جميل ان نكرر هذه المعلومة رغم ان الفائدة لا تنحصر هنا فقط لأن النوم الهانئ يجعلنا أكثر ادراكا ذهنيا لاشك وعلى ذمة تجارب علمية ودراسات عديدة أفلا نتوقف أحيانا لمساءلة تقلبات هذا الاحتياج ودوره المتنامي في درجة يقظتنا او عدم تركيزنا ؟ المناسبة هي كالعادة تأمل مفاجئ يحط على البال كلما لاح تفاعل ما يقوم باستدعاء الجدل الدائر عن رحلات السفر الليلي وما ينتج عنها من تعب ونقص في عدد ساعات النوم وهي للكثيرين مناسبة حديث معلم دوما عن الموضوع ومشتقاته ، وكان الله في عون من يجوبون العالم او المشافي في مهمات عمل يدينون فيها لمرونة جداولهم كي يجلب لهم تعويض الارهاق فينامون ليلا ان كانوا محظوظين ، او نهارا إن عز سكن الليل . ومع ذلك فبحث العلماء المعنيين لا يتوقف على ما يبدو، كان آخره اكتشاف ان مقولة الانسان تقل حاجته للنوم كلما تقدم به العمر ليست صحيحة فالتجربة الميدانية التي أجريت في جامعة كاليفورنيا مؤخرا وجدت ان فئة المسنين ومتوسطي العمر يحتاجون إلى نفس عدد ساعات نوم الشباب كي يحصلوا على ذهن صاف في اليوم التالي ولكن ما يحدث عادة معهم هو تقطع في النوم لأسباب صحية مما يجعلهم يقنعون بالنوم القليل او الشعور بالتعب . والتجربة أثبتت عدم صحة الاعتقاد بأن الانسان يحتاج عدد ساعات اقل كلما تقدم به العمر . ويضيف المشرف على الدراسة د.سين درموند من جامعة كاليفورنيا سان دييجو بأن عدد الساعات التي نحتاجها للنوم لا تتغير وانما القدرة على النوم بشكل متواصل هي التي نفقدها مع الوقت . وحسب ما يقوله العلماء فإن أغلب الناس يحتاجون ما بين 7 و9 ساعات للنوم كل يوم . وواحد في 20 يحتاج أكثر من 9 ساعات بينما واحد في 50 يتكيف بعدد ساعات أقل من 6 . وقد ركزت الدراسة على تأثير النوم على 62 متطوعا مع مجموعة من فئة الشباب متوسط العمر فيها 27 عاما وأخرى بمتوسط العمر 68 عاما . وكلتا المجموعتين قضت ليلتين في مختبر النوم بينما أخذ الباحثون يتابعون أسلوب نومهم . في اليوم التالي طلب منهم حفظ قائمة من الكلمات مع المتابعة الدقيقة لكفاءة أداء المخ . والنتيجة كما أعلنت في مؤتمر التقدم العلمي في سان دييجو وجد بأن أداء المجموعتين كان ذا علاقة واضحة بكمية النوم التي حصلوا عليها في الليلة السابقة . وكما هو متوقع فإن العامل المؤثر في التجربة بالنسبة للكبار كان كمية النوم بالطبع وعلاقتها بدرجة اداء العقل من ادراك وتفاعل وكما يقول د. درموند الذي يؤكد بأنه كلما زاد عدد ساعات النوم بالامس تحسن اداء الذهن اليوم وتمكن من تعلم واسترجاع مواد جديدة . أما بالنسبة للاصغر عمرا فإن كمية النوم هنا ليست بذات أهمية لان الذي يهم هو ان يتم النوم في جزئية واحدة وليس متقطعا كي يسمح للمخ بالعمل كسفنجة ناشفة على استعداد لامتصاص وتعلم معلومات جديدة . والكبار كما ذكر يحتاجون نفس عدد ساعات الشباب إلا انهم يعتادون نوما أقل . وعليه يجدر بالجميع حقيقةً العمل او التدريب على النوم الصحي كي يهنأوا بالحياة والعمل والتفاعل مهما كانت أعمارهم علما بأن محاولة تعويض نوم الليل بالنهار لا تنفع فمن منا بمقدوره ان ينام في النهار 7 او 9 ساعات متواصلة ؟