تحت عنوان " المواطنة والإبداع: قلق الروح الذي لا يسمى" ألقت الشاعرة سعدية مفرح محاضرة ضمن أنشطة "المؤتمر الأول للمواطنة في الكويت.. الواقع والمستقبل" ، وتحدثت الشاعرة مفرح في ورقتها عن أهمية الفنون والآداب في تأصيل مفاهيم المواطنة حيث استعرضت مجموعة من أعمال الأدباء والشعراء والفنانين الكويتيين خاصة ما يتعلق منها بمرحلة ما بعد الاحتلال العراقي للكويت عام 1990 كنموذج. وتوصلت الشاعرة الى "أن المعاني الكبرى كالأحداث الكبرى ..لا تنتج بالضرورة إبداعا كبيرا، والعكس صحيح أيضا، أي أن الإبداع الكبير، إن صح التعبير، لا يتحدث بالضرورة عن أحداث أو معان كبرى. وفي سياق الورقة التي ألقتها في جلسة بعنوان " المواطنة والابداع : تجليات ابداعية " وشاركها فيها ثلاثة باحثين آخرين تحدثت مفرح عن الحالة الكويتية على سبيل المثال فقط ، مشيرة إلى حدث الغزو العراقي للكويت العام 1990 كحدث كبير يمكن أن نستجلي في ضوئه بعض صور المواطنة في الإبداع الكويتي. وأضافت الشاعرة : إشارتي قبل قليل إلى أن الأحداث الكبرى لا تنتج أدبا كبيرا لا تعني أن كل ما كتب بأقلام شعراء وقصاصين وروائيين كويتيين عن ذلك الحدث الكبير الذي تمثل بالغزو لا يمكن أن يكون أدبا كبيرا. نعم ..هناك الكثير من النتاجات التي ظهرت عقب التحرير مباشرة ولعل بعضها كتب أثناء شهور الغزو ، ولكن أغلب هذه النتاجات الأدبية التي ظهرت في تلك الفترة المبكرة كانت تتسم بالكثير من الانفعال العاطفي والمباشرة التي لم تجعلها ترقى لما يمكن أن يكون إبداعا حقيقيا . لكن من الملاحظ فعلا أن المستوى الفني للأعمال الأدبية التي اتخذت من موضوع الغزو والحرب مادة لها كان يتناسب تناسبا طرديا مع طول الفترة الزمنية التي أعقب الغزو والحرب والتحرير . وفي سياق ورقتها التي أثارت الكثير من التفاعل مع الجمهور تساءلت سعدية مفرح قائلة : هل تندرج كل هذه النتاجات الإبداعية تحت عنوان أدب الحرب؟ وهل لذلك علاقة بمفهوم المواطنة؟ وأضافت : الإجابة على هذا السؤال المزدوج تعتمد على تعريفنا لأدب الحرب أولا ولمفهوم المواطنة ثانيا، وعلى أية حال، ومهما اختلفت التعريفات لهما نستطيع القول إن كل النتاجات الأدبية التي أنتجت في الكويت خلال السنوات التي تلت الغزو تأثرت فعلا بأجواء الغزو وقد ظهر ذلك التأثر بتجليات مختلفة، ومتنوعة ومتفاوتة المستوى ، لكن هذا لا يعني أن كل ما يمكن أن يكتب قد كتب فعلا، فالأفق العربي ما زال ملبدا بأجواء قد تتيح الفرص واسعة أمام كتابات تتخذ من ذلك الحدث مادة لها أو خلفية لأحداثها ...من يدري ؟. وختمت الشاعرة سعدية مفرح كلمتها قائلة : دعونا نقل أن المبدعين، الشعراء على سبيل المثال ..والشعراء كما تعلمون يتبعهم الغاوون..الذين يتعاملون مع الشعر بوصفه إدارة للعلاقات العامة كثيرون. فنجد الشاعر من هؤلاء ينتج قصيدة في كل معركة، ويخبز قرصا في كل عرس ، لكن القلة التي تتعامل مع الشعر بوصفه شعرا فقط ، دون أسماء ولا مسميات ولا تعريفات ولا توصيفات ، تستحق أن تعيش وجدها ...هكذا ...دون شعر ...دون سؤال عنه ...عن قلق الروح الذي لا يصير شعرا لأنه ليس شعرا ...فقط لأنه ليس شعرا ولا يسمى!!. وشارك في الجلسة التي أدارتها الأديبة أفراح الهندال الناقد الأدبي عباس الحداد فتحدث عن تجربة الأديب والمؤرخ خالد سعود الزيد مستعرضا قضية الوطن والمواطنة في أدب الزيد، وقال الحداد إننا لا نستطيع أن نؤصل لمفاهيم المواطنة والوحدة الوطنية بمعزل عن الثقافة والأدب، فهذه المفاهيم تستهدف أساساً الانسان ووسيلتنا لذلك هي الفنون والآداب والثقافة. كما تحدث الأديب د. سليمان الشطي عن تجربته القصصية بما تضمنته من قضايا وطنية وتجلت فيها قضية حب الوطن والمواطنة بشكل واضح في أكثر من عمل,و تستدعي المواطنة الصدق الكامل النابع من داخل الإنسان، والمواطنة يمكن تعريفها بأنها حالة داخلية تتجلى في أي انتاج أدبي وتكون مندسة بين السطور، ويبقى حب الوطن والمواطنة شيئاً عزيزاً ، خفياً وثاباً. أما المخرج السينمائي حبيب حسين الحائز على عدة جوائز ذهبية لكثير من أعماله الوثائقية والتي تدور معظمها حول مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية والولاء للوطن ، عن أهمية دور وسائل الإعلام في تأصيل هذه المفاهيم خاصة الأفلام الوثائقية التي تترك أثرا كبيرا في نفوس الناس. قال: إن الدور الذي يقوم به الإعلامي في تشجيع وتطوير مفهوم المواطنة يعتبر عنصرا مهما وحيويا في تقوية أركان الدولة وإرساء دولة القانون والولاء للوطن وليس الطائفة أو المذهب أو القبيلة أو الحزب .