أمير القصيم يدشّن مشروعاً خدمياً لكبار السن    مبادرات نوعية للأكاديمية المالية    توفر 10 آلاف وظيفة.. 9 مليارات استثمارات صناعية جديدة    الكهموس يناقش مع مسؤولين دوليين التعاون لمكافحة الفساد    السعودية تدين اقتحام إسرائيليين باحات الأقصى.. ارتفاع قتلى غزة وتحذير من انهيار النظام الصحي    كبد الدعم السريع خسائر فادحة.. الجيش السوداني يستعيد مواقع إستراتيجية بالفاشر    نجاة رئيس الإكوادور من محاولة اغتيال    «سلمان للإغاثة» يدشّن المشروع الطبي التطوعي للأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في ولاية هاتاي بتركيا    بعد تسلم المملكة علم الاستضافة رسمياً.. موسم جدة يستضيف بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة الفورمولا1 «جائزة جدة الكبرى 2025»    8 منتخبات أوروبية تسعى لحسم التأهل إلى المونديال    اتفاقية مقر بين المملكة وأمانة مبادرة «الشرق الأوسط»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    برازيلي يتحدى اللصوص في شوارع لندن    «جمعية الزهايمر» تطلق مبادرة «مزولة» التطوعية    آل سقطي تكرم خريجيها    توج نظير جهوده في تطوير الأطر المعدنية العضوية.. العالم السعودي عمر بن يونس ينال جائزة نوبل للكيمياء    مريم الجندي: «شادية» وراء شهرتي عربياً    طلاب سعوديون يحصدون جوائز عالمية    اكتشاف ارتباط بين اضطراب التوحد وصحة الأمعاء    الاتحاد السعودي للتايكوندو يختتم الدورة التمهيدية لإعداد المدربين بالرياض    الأخضر يقلبها على إندونيسيا ويقترب من المونديال    صلاح يقود مصر للتأهل للمونديال    نائب أمير الشرقية يستعرض أعمال جمعية الثروة الحيوانية    173.96 مليارا واردات السعودية في 90 يوما    1.4 مليار مستحقات مصروفة لمزارعي القمح المحلي    الأمم المتحدة تعلن أنها ستخفّض تعداد قوات حفظ السلام في العالم بنسبه 25%    محافظ مرات يترأس اجتماع لجنة الدفاع المدني    الأمن مسؤولية مجتمعية تبدأ من الفرد    المملكة تتصدر مجالات تبني الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيه    ضبط مواطنَين مخالفَين لنظام البيئة    نوبل تحتفي بنا    نحاتون عالميون يجسّدون هيبة الصقر    «التواصل الحضاري».. ترسيخ قيم الوسطية والتعايش    رحل سعود العتيبي.. وبقيت سيرته المضيئة    أمير المدينة المنورة يستقبل وزير الحج والعمرة    توخيل: كين يغيب عن مباراة إنجلترا الودية ضد ويلز    «سعود الطبية» ومستشفى الملك سلمان تدخل «المنشآت الصديقة لكبار السن»    حماس تنتظر ضمانات أمريكا    رئيس وزراء فرنسا المستقيل يعلن انتهاء مهمته ويتوقع اختيار خلفه خلال 48 ساعة    أمانة جازان تتفاعل مع اليوم العالمي للمعلم تقديرًا لعطائهم    استمرار المساعدات السعودية لسكان غزة    الاتحاد السعودي لكرة الطاولة يطلق دوري المحترفين بنسخته الجديدة    محافظ محايل يرأس اجتماع المجلس المحلي    إدراج النسخة المحدثة من كتاب "حياتنا ذوق" و"دليل المعلم" ببوابة عين الإثرائية    الأهالي يعبّرون عن امتنانهم للأستاذ سعيد بن صالح القحطاني: كفيت ووفيت    محافظ الطائف يستقبل رئيس وأعضاء جمعية البر بوادي محرم    أبو الكيمياء الشبكية.. عمر ياغي يسطر اسمه بالذهب في نادي جائزة نوبل    الخوف والرعب من الزوج حتى بعد الانفصال.. جرح نفسي يحتاج إلى شجاعة للتعافي    مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!    محاضرة تستعرض الروح الإبداعية لأوزبكستان    حقيقة حل الخلافات قبل النوم    وجه جديد لسرطان الدماغ    طريقة صينية تقي من السكر    «السفاري» تجربة تعليمية وتفاعلية في «الصقور»    نائب أمير جازان يقدّم التعازي لأسرة المجرشي في وفاة والدهم    خادم الحرمين يوجه بفتح «مسجد القبلتين» على مدار الساعة    حدثوا أبناءكم وذكروهم    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    









شخص ليس لديه ضمير.
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 18 - 02 - 2010

إذا اتفقنا مع ثوماس هاريس بأن البشر يتفقون في أن لديهم ثلاثة عوامل أساسية (الطفولة، النضج، الأبوية)، فإن الأمر الأكثر صعوبة وجدية بالنسبة إلى المجتمع يتمثل في أولئك الأشخاص الذين لديهم تشوّه في عامل الطفولة مع عامل النضج، يضاف إلى ذلك حجب تام للعامل الأبوي (القيم والثوابت الموروثة).
وتتوفر هذه الحالة في الشخص الذي كان أبواه الحقيقيان أو من قام بتربيته على درجة عالية من القسوة والغلظة، وسبّبا له الكثير من الرعب في طفولته؛ أو كانا على الصعيد الآخر متسامحين جدًا ومهملين لدرجة التهاون التام والبلاهة. وفي كلتا الحالتين، يصبح السبيل الوحيد للحفاظ على كيان هذا الشخص هو "إبعادهما" من حياته، بما يعني إبعاد عامل الأبوّة.
ويرى هاريس أن هذه هي الصورة النمطية للشخص المريض النفسي (السيكوباتي) الذي يكون في مرحلة مبكرة من حياته قد تخلّى عن فكرة أنه "بخير"، ويفترض حالة أخرى وهي أنه "ليس بخير"، وصارت هذه الحالة الأخيرة تعني لديه على سبيل اليقين أنه "بخير".
ومن الواضح أن هذا الطفل الضعيف استنتج بشكل صحيح أن والديه ليسا على ما يُرام على الإطلاق؛ ولهذا فقد أقصاهما تمامًا عن حياته عن طريق الإبعاد. وعلى الصعيد الآخر، يؤكد هاريس أن الطفل من الممكن أن يلجأ إلى الإقصاء عن طريق قتل الآباء حسيًا أو معنويًا. وإذا لم يقم بذلك، فمن الممكن أن يلجأ إلى ذلك نفسيًا، فيشعر أنه بلا والدين. وعليه، فلن يكون لديه عاملُ أبويّة (المعتقدات الموروثة)، لأنه استثنى عامل الأبوية المؤلم لديه، وفي الوقت نفسه يستثني والديه كليًا بما لديهما من بعض الجوانب الإيجابية.
وعند النظر إلى هذا الشخص وملاحظة معاملاته مع الآخرين، نجد أنه لايحمل موروثات أو معتقدات تمدّه بالمعلومات اللازمة من أجل التحكّم في البعد الاجتماعي، مثل المعلومات الصحيحة عن الأمور التي ينبغي أن يفعلها أو تلك التي لاينبغي عليه أن يفعلها، والمتمثلة فيما يعرف ب"القيم الثقافية"، أو ما يمكن أن يُشار إليه بصفة عامة تحت مسمى "الضمير". ذلك أن المسيطر على تصرفاته هو عامل الطفولة (التجارب والمواقف التي حدثت له طوال مرحلة الطفولة) والتي كانت فيها أفكار عامل النضج مشوّهة. وهذا مايدعوه إلى القيام بتصرّفات منافية للضمير الإنساني، مثل استغلال الأشخاص للوصول إلى غايته، وسحق غيره وانتهاك الحقوق والتدمير..إلخ. ولو كان لديه عامل النضج، لاستطاع أن يقدّر عواقب الأمور، ولكن لأنّ محور تلك العواقب يدور حول ما إذا كان سيُقبض عليه أم لا، فنادرًا ما تحتوي تلك العواقب على مراعاة لشعور الآخرين. وعلى الرغم من وجود بعض الاستثناءات، فإن القاعدة العامة توضح أننا "لا نتعلم كيف نكون محبوبين إذا لم يسبق أن صرنا بالفعل محبوبين". ويؤكد علماء النفس أنه إذا احتوت السنوات الخمس الأولى من عمر الشخص صراعًا مضنيًا من أجل البقاء جسديًا ونفسيًا فستظهر نتائج هذا الصراع على مدار حياة المرء بأشكال مختلفة.
وثمة طريقة لتحديد ما إذا كان الشخص لديه عامل الأبوية (القيم الموروثة والمكتسبة من الآباء) عن طريق تحديد وجود عامل الخجل والشعور بالخزي والندم والإحراج، أو الشعور بالذنب. إن تلك المشاعر موجودة في عامل الطفولة لدى الشخص، وتبرز نتيجة عقاب الآباء للطفل، فإذا لم توجد تلك المشاعر، فمن المحتمل أنه قد تم منع عامل الأبوية إما بسبب العنف أو التهاون.
ويضرب هاريس على ذلك مثالا بالرجل الذي يُقبض عليه بتهمة التحرش بالأطفال، ولا يبدو عليه أي شعور بالندم أو الذنب، ناهيك عن حقيقة أنه تم القبض عليه. فيرى أن هذا الشخص ليس لديه عامل أبوية فعّال، ولديه دور وظيفي مبني على تكهنات ضمنية تصل إلى أن تكون تلك التكهنات مضادة لإعادة التأهيل. وهنا، يجد المعالجون النفسيون صعوبة في تلك الحالة التي لا يستطيع فيها الفرد استحضار العامل الأبوي غير الموجود أصلاً.
ومع الاختلاف النوعي بين البشر والحيوان، إلا أن بعض التجارب التي أجريت على الحيوان لها دلالة مفيدة في هذا الموضوع وخاصة فيما يتعلق بالجوانب التي يعتقد أنها غريزية؛ فقد أجريت تجارب على القرود التي لم تتربّ مع الأمهات الحقيقيات لهن، وحصلت التربية عن طريق أمهات بديلة من الدمى المغطاة بالوبر. ولوحظ أنه خلال فترة الطفولة، كونت تلك القرود الصغيرة علاقة وطيدة بالأمهات البديلة من الدمى، ولكن، عندما وصلت إلى مرحلة البلوغ أصبحت قدرتها على التكاثر وتربية الصغار في أدنى مستوياتها، لأنه لم تتكوّن لديها خلفية عن رعاية الصغار، فأصبحت بذلك عاجزة عن ممارسة الأمومة التي كان يُعتقد أنها تُوجد غريزيًا. وتستنتج التجربة أن العناية بالصغار لم تسجل لدى القرود في عامل الأبوية (العامل الموروث)، ولذا لم تستطع القيام بالمحاكاة.
ويجدر التوضيح أن الشخص الذي يُعاني من فقدان عامل الأبوة لا تؤدي حالته المرضيّة بالضرورة إلى كارثة تناسلية كما حدث مع القردة. لأن الشخص –بخلاف الحيوان- لديه حوالي 12 بليون خلية حاسبة يستطيع بها أن يقيّم الواقع، وأن يقدّم الأجوبة حتى إذا لم يُسجّل أي معلومات في حياته المبكرة. فالمريض النفسي المجرم، مثلا، يستطيع أن يفهم هذا الثالوث من العوامل (الأبوية، النضج، الطفولة) إلى الحدّ الذي يستطيع به عامل النضج توجيه جميع نشاطاته المستقبلية بطريقة يمكن أن تغيّر من نمط أدائه للجريمة، بحيث يتحاشى القبض عليه وإدانته. ومن الممكن أنه لا يمتلك أي عامل أبوية لكي يدعم عامل النضج لديه؛ ويقترح هاريس أن عامل النضج لدى هذا الشخص، يمكن أن يبلغ من القوّة ما يحمله على عيش حياة كريمة وناجحة تجعله يتلقى الاستحسان والتقدير من الآخرين، دون أن يذكر نماذج تعافت. ووفقًا لهذه الاحتمالية وحرصًا على كسب جميع أفراد المجتمع، فإن جهود إعادة تأهيل فاقدي عامل الأبويّة يمكن أن تنجح في تصحيح مسار من ليس لديهم ضمير، ومن المتوقع أنها لن تحصل بسهولة، لكن المهم أن نسعى إلى البحث عن علاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.