عندما تتحول العلاقات في الحياة الزوجية الى عبث رخيص عند الزوج ، وعندما تكون نفسية الزوجة مهددة بالانكسارات والاحباطات والهزائم والخوف عند كل تصرف أو قول يصدر عنها بسبب السيف المشهر أمامها ، وأمام مستقبلاتها ، وعندما يأخذ الرجل من بعض حقوقه الدينية سلاحا لاضعاف المرأة والتعامل معها لا كشريك ولكن كهامش اجتماعي ، أو مقتنى من مقتنيات المنزل . فيشهر مفردة « الطلاق « والتهديد به . فإن ذلك يعتبر منقصة في الرجولة ، واهانة لمعاني الزواج وارتباطاته ، وأمانة أن يكون الرجل مسؤولا عن كائن أنثوي يستحق الحب والاحترام والتقدير والتضحيات . في بعض مجتمعنا الذكوري ، وعند بعض الازواج الحمقى يكون التهديد بالطلاق ممارسة يومية عند كل صغيرة ، وفي لحظة أي انفعال حتى ولو كان غير مبرر ، وأكثر الانفعالات عند الحمقى غير مبررة . ليكون وسيلة ضغط لفرض أوامره قسرياً على زوجته ليمنعها من فعل شيء لا يرغبه ، أو يفرض عليها أمراً لا ترغبه هي ، والغريب أن التهديد بالطلاق يكون في أغلب الأحيان لهفوات ومشاكل بسيطة لا تستدعي نطق تلك الكلمة وترديدها بين الحين والآخر لما لها من آثار نفسية مؤلمة عند الزوجة . «الرياض» ناقشت في هذا التحقيق خطورة التهديد بالطلاق على الحياة الزوجية وعلى الزوجة تحديداً . فيض من غيض علي الطلاق ألا تفعلي كذا ، وعلي الطلاق ألا تلبسي كذا ، وعلي الطلاق ألا تخرجي من البيت أو ترفعي السماعة أو تذهبي لفلانة وعلي الطلاق 000وعلي الطلاق ، تهديدات متواصلة تسمعها منال حيث أبتليت على حد قولها بزوج كثير التلفظ بالطلاق على أتفه الأسباب متساهلا باطلاقها يوميا مما أشعرها بأنها رخيصة لديه ومن السهل عليه ان يطلقها لأي سبب خاصة أثناء غضبه ، وهذا ما يجعلها تتغاضى عن أغلاطه ولا تناقشه بها خوفا من ان يفعلها. تقول منال في حديثها لنا : بسببه فقدت وظيفتي حيث كان يطلب مني باستمرار ان أقدم استقالتي بلا أسباب مقنعة وكان يتصل بي أثناء العمل ويقول ان لم ترجعي الآن فأنت طالق وسوف ارمي أمتعتك بالشارع ، فاضطر الى الكذب على مديرتي حتى اذهب للبيت وهكذا بقي يمارس ضغوطه علي حتى قدمت استقالتي وانا مكرهة في ذلك . حاولت جاهدة ان أجعله يغير من سلوكه معي ولكني هكذا عرفته ومن الصعب على لسانه أن يتوقف عن تلك الكلمات القاسية على كل زوجة . وتضيف صالحة قائله زوجي لا يكف عن التهديد بالطلاق باستمرار عند أي خطأ يقول سأطلقك، سأطلقك، يذهب إلى أعمق شيء وآخر حل عند كل صغيرة وكبيرة ، فإذا كان من المفروض أن يهدد الزوج زوجته بالطلاق يكون ذلك على الأقل عندما تستعصي عليه الأمور في النهاية فليس من الرجولة ان يلجأ الى تهديدها ومنعها من جميع رغباتها وميولها وقمع حريتها لأن المرأة إذا قيدت بجميع الأشياء في النهاية ستقع في شيء من هذه الأشياء ويحصل الطلاق . عبارات كالحمم وتذكر مها مسلم معاناتها قائلة :زوجي يكثر من اللغو في عبارات الطلاق فعند غضبه يسمعني كلاماً كالحمم واذا حصل سوء تفاهم أو سمع بكاء الأطفال هددني بالطلاق، أو البحث عن زوجه أخرى توفر له الهدوء وأكثرما يؤلمني هو تهديده لي أمام الأبناء وهذا ما جعلني أقف حائرة من أمري معه ، لا اعرف كيف أتعامل معه خاصة واني اعتدت على الاستسلام لرغباته ، صحيح أن من حق الزوج منع زوجته عن أي شيء يخالف الشرع أو حتى لايعجبه ولكن يكون ذلك بطريقه أكثر احتراما وأدبا فلا تفقد الزوجة معه الشعور بالأمان والاستقرار فهما من أهم احتياجاتها النفسية . محمد الطويلعي وتحكي حنان قصتها مع زوجها قائلة : بسبب كثرة ترديده لتلك الكلمة سئمت الحياة معه وتمنيت كثيرا ان يقولها لعلي ارتاح من إهانته لي، ولكن خوفي من كابوس الطلاق وتشتيت شملي بفلذات كبدي يمنعني من المطالبة بها ، فمنذ زواجنا وهو يرددها بلا أسباب وعند تأخري بالحمل أصبح يهدد على مسمع الجميع بأنه سيطلقني ويتزوج من أخرى ولكني حملت بعد سنتين من زواجنا وأنجبت حتى الآن أربع بنات وهذا ما جعله يزيد في تهديده لي بالطلاق فيما لو أنجبت بنتا خامسة ، حاولت إقناعه بأن هذا الأمر ليس بيدي ولجأت الى تخويفه من الله وتذكيره بفضل تربية البنات ولكن لافائدة معه يظل يردد تهديده لي في كل ليلة . التهديد أفشل الزيجات من جانب آخر أضاف الأستاذ من محمد الطويلعي مساعد مديرعام الشؤون الصحية للتموين الطبي بتبوك قائلا : مما لاشك فيه أن الحديث "أبغض الحلال عند الله الطلاق " لم يتمثل في آذان وقلوب الشباب هذه الأيام بل أصبحت كلمة الطلاق من أسهل الكلمات التي يتبادلها الشباب بعد أيام أو أشهر من زواجهم ، وأحيانا كثيرة يهددون بها زوجاتهم مما أدى إلى فشل عدد كبير من الزيجات في المملكة حسب إحصائيات وزارة العدل . تهديد الأمان العاطفي وترى الاستاذة ألاء لطفي –أخصائية اجتماعية –ان هذا السلوك يعبر عن ضعف في شخصية الزوج حتى وان كانت مجرد عادة سارية على لسانه ، فهو يتمسك ويهدد بأبغض شيء لكي يجد التجاوب من زوجته مع ان هناك طرقا كثيرة ومتعددة تمنع وقوعهما في فجوة عاطفية كبيرة بسبب هذا التهديد . وتشير د. نوره العجلان عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نوره بنت عبدالرحمن وعضو في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ، بأن التهديد بالطلاق إذا خرج عن سياقه الطبيعي وعن ما شرعه الله من كونه حلا لمشكلة في الحياة الزوجية وخروجا سليما منظما من علاقة زوجية لم يكتب لها النجاح لسبب من الأسباب ، فانه يدخل في باب التعنيف الذي يعطل الحياة واستخدمه في غير محله يجرح كرامة الإنسان التي كفلها الله لبني ادم وجعله حقاً من حقوقهم فيما بينهم ، و يعد من الظلم الذي يجب مدافعته سواء من الفرد الواقع عليه الظلم أو من المجتمع الذي يلزم ان ينصر أخاه ظالما ومظلوما ، إن أحوج ما تحتاجه المرأة في حياتها الأسرية هو الامان لكي تؤدى دورها الأسري على أكمل وجه حيث ان الدور الأسري يتطلب منها الإبداع في التخطيط وان تكون لها رسالة ورؤية لتنجح في مهمتها فمثل هذا التعنيف يشغلها ويحد من تركيزها على أسرتها وحياتها ويجعلها منشغلة البال لا تشعر بالطمأنينة . رفقاً بالقوارير وذكر الدكتور احمد المعبي –اختصاصي قسمة المواريث الشرعية – بأنه لاينبغي للمسلم الإكثار من لفظ الطلاق والتهديد به كون ذلك يتنافي مع التعاليم الإسلامية فقد قال الله سبحانه وتعالى: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "وكان آخر ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع حسن معاملة النساء حين قال "استوصوا بالنساء خيرا "وكررها ثلاث مرات ، فهذا التهديد المتكرر يتنافى مع طبيعة الحياة الزوجية التي أساسها المودة والرحمة كما أنه يؤدي الى كسر في نفس الزوجة وترويعها من فقدان الأمان في حياتها الزوجية وهذا من أكثر الأسباب التي تؤدي الى فتور العلاقة الزوجية ، وهنا لابد من التذكير يامعشرالرجال بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل مقاييس أخلاق الرجال بحسن معاملتهم لزوجاتهم حين قال "خيركم خيركم لآهلة وأنا خيركم لأهلي " لهذا ندعو هؤلاء المهددون الى حسن الرفق بزوجاتهم وامتناعهم عن هذا الأسلوب الذي قد يؤدي فعلا الى حصول الطلاق وبعده لايفيد الندم.