عن الأزمة المالية والمصرفية التي شهدها العالم مؤخراً وعن المصرفية السعودية التي أثبتت التماسك أمام هذه العاصفة الاقتصادية كان لنا هذا الحوار مع مدير عام البنك السعودي للاستثمار الاستاذ مساعد المنيفي: * : استطاع البنك السعودي للاستثمار تحقيق نمو في أرباح العام الماضي، على الرغم من صعوبة الأوضاع التي مر بها السوق المصرفي، فما هي الأسباب برأيكم لهذا النمو؟ - : دأب البنك منذ تأسيسه عام 1970م على تحقيق أرباح سنوية. وقد بلغت أرباح عام 2009م 6,521 ملايين ريال، أي بزيادة طفيفة قدرها 8,4 ملايين ريال عما كانت عليه الأرباح عام 2008م والبالغة حينئذ 2,513 مليون ريال. وتمكن البنك من تحقيق تلك الأرباح في الوقت الذي تتسم فيه أسواق المال العالمية بأداء اقتصادي مضطرب. ويعود السبب الرئيسي لذلك أن البنك لديه تنوع في مصادر الدخل من المحفظة الائتمانية بشقيها المخصصة للشركات والأفراد ، والمحفظة الاستثمارية ، وخدمات الخزينة ، والتداول بحيث ان أرباح البنك لا تتأثر كثيراً فيما لو انخفض أحد مكوناتها. * : أكد البنك في إعلانه لنتائج العام الماضي عن ارتفاع حجم المخصصات التي تم تجنيبها للاستمرار في دعم المركز المالي للبنك، فهل تتخوفون أن يكون هناك تعثر أو عجز عن السداد لدى بعض عملاء البنك خلال الفترة المقبلة؟ - : تسببت الأزمة المالية العالمية أن يواجه بعض المستثمرين والشركات الإقليمية ظروفاً مالية صعبة لذا فإننا نعتقد أنه من الحكمة أن يتم زيادة المبالغ التحوطية. وأشير إلى أن زيادة المخصصات تحمي البنك في حال وقوع التعثر كما يقوي المركز المالي للبنك. * : ما هي رؤيتكم حول مستقبل أداء البنك خلال العام الجاري والنتائج التي يمكن أن يحققها؟ - : حافظ الاقتصاد السعودي على متانته خلال الأزمة المالية التي شهدها العالم مؤخراً، ونحن متفائلون بأداء الاقتصاد المحلي خلال العام 2010م ونعتقد أن ذلك سينعكس إيجابياً على أرباح البنك خلال العام ونتطلع إلى أن نستمر في لعب دور فعّال في التطوير المستمر للبنية التحتية للاقتصاد السعودي عبر دعم عملائنا من الشركات ، هذا بالإضافة إلى استمرار البنك في تنفيذ خططه لتوسعة شبكة فروعه والتي من المتوقع أن يصل عددها إلى 50 فرعاً بنهاية العام 2010م. الإنجازات المتحققة * : اختتم البنك السعودي للاستثمار مؤخراً حملة تسويقية تحت عنوان "تمويلك في حسابك خلال 24 ساعة"، فما مدى نجاحها وتحقيقها لأهدافها؟ - : لاقت هذه الحملة نجاحاً واسعاً وقبولاً لدى العملاء لعدة عوامل من أهمها مستوى الخدمة المقدم وسهولة الإجراءات وسرعتها، حيث يلتزم البنك بإيداع النقد في حساب العميل مقدّم الطلب خلال 24 ساعة، وفي حال عدم إمكانية الالتزام بهذه الفترة المحددة يقوم البنك بإعفاء العميل من الرسوم الإدارية للتمويل، وقد أدت هذه الحملة إلى زيادة محفظة قروض الأفراد لدى البنك بنحو 50%. * : وهل تعكس الحملة توجه البنك وتركيزه على خدمات الأفراد بدلا من الخدمات المصرفية للشركات؟ - : ركز البنك السعودي للاستثمار منذ نشأته على قطاع الشركات ومنذ سنوات قليلة قرر البنك استهداف شريحة الأفراد من العملاء ، ولذلك فقد نفذ البنك خطة طموحة لزيادة عدد فروعه من نحو 13 فرعاً في عام 2005م إلى نحو 50 فرعاً بنهاية عام 2010م تشمل سبعة أقسام نسائية. ومعلوم أن قطاع الأفراد من أهم القطاعات في مجال العمل المصرفي في المملكة ويوفر للبنك فرصاً كبيرة في مجالات التمويل والحسابات الجارية والتداول ومختلف الخدمات البنكية، ولكن هذا لا يعني أن البنك سيخفض من تركيزه على سوقه الأساسي في مجال خدمات الشركات. * : من أهم البرامج التي أطلقها البنك برنامج الأصالة للمصرفية الإسلامية، والذي جاء تتويجا لمرحلة جهد سنوات من الخبرة والمعرفة لبنك الاستثمار، فما مدى نجاح البنك في هذا المجال؟ وهل هناك نية للتوسع في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية؟ - : تم إطلاق برنامج الأصالة للمصرفية الإسلامية عام 2006م، ولاقى نجاحاً مميزاً حتى أصبح لدى البنك الآن 39 فرعاً تحت برنامج الأصالة. ويتميز البنك السعودي للاستثمار بقدرته على تقديم الصيرفة الإسلامية والعادية لعملائه. أبرز القطاعات التي حققت نمواً خلال العام الماضي، والتوسعات التي تمت * : ما هي أبرز القطاعات التي حققت نموا في عملها خلال العام الماضي؟ - : يمكننا أن نقسّم قطاعات البنك الرئيسة إلى التجزئة (الأفراد)، والشركات، والخزينة، ويسعدنا القول بأن جميع هذه القطاعات حققت نمواً وربحية خلال العام 2009م، ونتوقع أن تستمر هذه الوتيرة. * : وما هي القطاعات التي تتوقعون أن يتوسع فيها البنك خلال العام الجاري، سواء في مجال الخدمات أو المنتجات؟ - : أنهى البنك السعودي للاستثمار مؤخراً وضع خطة استراتيجية للخمس سنوات القادمة. وبحسب هذه الخطة سيستهدف البنك تقوية قطاع التجزئة من خلال عدد من المبادرات. كما أننا نخطط للاستمرار في نهجنا بتقديم خدمات قوية للشركات عبر توحيد المنتجات والخدمات المقدمة. وكما سبق القول، فإننا نعمل على رفع عدد فروع البنك إلى 50 بنهاية العام 2010م، وستغطي هذه الفروع المراكز الرئيسة حيث الكثافة السكانية لتسهيل حصول العملاء على خدمات البنك. * : أسس البنك السعودي للاستثمار عدة شركات شقيقة تعمل في مجالات قريبة من العمل المصرفي فهل لدى البنك توجه لتأسيس المزيد من الشركات الشقيقة أو التابعة؟ - : يساهم البنك السعودي للاستثمار في 6 شركات تعمل في مجالات تداول الأسهم والاستشارات المالية، وإدارة الأصول، وبطاقات الائتمان، والتأمين، والتأجير التمويلي، وتمويل العقار. ونعتقد أن هذا يوفر لنا الآن تنوعا كافيا لتقديم أغلب الخدمات المالية المطلوبة في السوق وسيتركز عمل البنك في المستقبل المنظور على تعزيز أداء الشركات القائمة واستغلال الفرص المتاحة للتسويق المشترك. * : قطاع التأمين من القطاعات التي أصبحت لها جاذبية للبنوك المحلية وقد أسس عدد من البنوك شركات تابعة لها في هذا القطاع، فهل لدى البنك السعودي للاستثمار نية للدخول في هذا المجال، ومتى سيتم ذلك؟ - : في ظل التنظيم الجديد لسوق التأمين في المملكة العربية السعودية، دخل البنك كشريك مؤسس في شركة الشرق الأوسط والخليج للتأمين وإعادة التأمين (ميد غلف) وهي من الشركات العاملة في قطاع التأمين في المملكة. ونتوقع لها أن تكون لاعباً أساسياً في قطاع التأمين المحلي الذي يتوقع له نمواً كبيراً في المستقبل. تأثير الأزمة المالية العالمية على القطاع المصرفي * : شهد العالم أزمة مالية عالمية طالت نتائجها المباشرة وغير المباشرة مختلف القطاعات الاقتصادية ومن ضمنها النشاط المصرفي، فهل تعتقدون أن القطاع المصرفي السعودي قد تجاوز الأزمة؟ - : شهد العالم خلال سنة 2008م أسوأ ظروف اقتصادية منذ الكساد الكبير الذي حدث في الثلاثينيات من القرن الماضي. وتطلّب الوضع تدخل عدد من الحكومات حول العالم لإنقاذ الشركات المتعثرة. أما في المملكة العربية السعودية فقد أظهرت النتائج المالية لعامي 2009م تحقيق البنوك السعودية أرباحاً، في دلالة واضحة على قوة الاقتصاد السعودي وبالذات القطاع المصرفي وحسن إدارة مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) ومراقبتها لهذا القطاع ، ونتفق مع الرأي الذي يقول بأن القطاع المصرفي المحلي قد استطاع التعامل بفعالية مع آثار الأزمة. * : هناك من يعتقد أن العام الجاري 2010 سيكون العام الأخير من تأثر الاقتصاد المحلي بتوابع الأزمة المالية فما مدى صحة هذا الاعتقاد؟ - : لا توجد دولة لم تتأثر بشكل أو بآخر بالأزمة المالية العالمية. ومع ذلك، حقق الاقتصاد السعودي نمواً خلال عام 2009م، ومن المتوقع للاقتصاد المحلي أن يستمر في النمو خلال العام 2010م. ونلاحظ أن أسعار النفط الحالية عند مستويات جيدة مما سيوفر سيولة لتمويل خطط النمو في الدولة. وتملك المملكة العربية السعودية مستويات قوية من احتياطي النقد الأجنبي، كما نرى أن ميزانية عام 2010م مستمرة في الإنفاق الكبير على القطاعات الحيوية. من هذا المنطلق، نتطلع إلى عام من النمو الواعد في الاقتصاد المحلي.