فيتنام بلد استوائي كثيف المطر يعد الأرز المحصول الأنسب للزراعة فيه (حيث تتطلب زراعته إغراقه بالماء أصلا) .. ولكن في عام 1971 حدثت ظاهرة غريبة لم يعهدها الفيتناميون منذ قرون .. ففي عز الحرب مع الامريكان هبطت امطار غزيرة بشكل متواصل وفي غير موسمها المعتاد وتشكلت على إثرها أعاصير غير مسبوقة وظل البرق يرعد بشكل يومي ومتواصل ... وهذه الحالة الجوية شكلت عائقا كبيرا لقوات المعارضة الفيتنامية وقيل حينها إن القوات الامريكية استعملت طرقا خاصة لحث المطر على النزول . واعتمدت هذه الفرضية على وجود مشروع أمريكي حقيقي للاستعانة بالظواهر الجوية في الأعمال العسكرية (يدعى بوب آي أو Popeye). وهو برنامج سري جربه سلاح الجو في لاوس وشمال فيتنام يستعين فيه علماء المشروع بصور الأقمار الاصطناعية لتحديد مواقع واتجاهات السحب . وحين يحددون أفضلها يطلقون نحوها طائرات تنثر فوقها يوديد الفضة أو نترات الأمونيا لحثها على الإمطار !! ... ومن المعروف أن المطر يحتاج إلى ذرات صلبة يتكثف حولها قبل ان ينزل للارض. فالسحب مجرد "بخار ماء" إن لم تتكثف حول مادة صلبة (كذرات الغبار أو بلورات الثلج أو الرياح اللواقح) قد لاتمطر أبدا .. أضف لهذا أن للسحب أنواعا كثيرة لايمطر منها غير نوع واحد فقط يدعى "السحاب الركامي"... وبالجمع بين هاتين الحقيقتين يمكن تقبل نظرية المؤامرة بخصوص ما حصل في فيتنام حيث الجو هناك محمل دائما بالسحب الركامية المناسبة وسلاح الجو الأمريكي يملك الوسائل اللازمة لرش المواد الحاثة على نزول المطر!! غير ان مشروع "بوب آي" ألغي بعد فترة قصيرة من فضحه (على يد صحفي يدعى جاك اندرسون) وأعربت حينها الأممالمتحدة عن خشيتها من استغلال العوامل الجوية كسلاح لتهديد الشعوب . وبعد معاهدة 1974 بين أمريكا والاتحاد السوفياتي اتفق الطرفان على إيقاف تجاربهما في هذا المجال! ... على أي حال من الأمانة القول ان (استمطار السحب) طريقة اكتشفها العلماء قبل حرب فيتنام بثلاثين عاما؛ ففي ذلك الوقت أكدت طائرات البحث وجود بلورات ثلجية دقيقة داخل السحب . ثم ثبت لاحقا ان السحب لا تضم فقط بلورات ثلجية بل وذرات غبار متطايرة وحبوب لقاح وأملاحا بحرية بل وحتى جراثيم وعوادم سيارات . وعند درجة حرارة معينة تتكاثف قطرات المطر حول هذه الذرات وتنزل الى الأرض حين تصبح ثقيلة. وفي عقد الأربعينيات نجح العلماء في استمطار بعض السحب برشها بثاني اكسيد الكربون المجمد (أو ما يعرف بالثلج الجاف). وفي العقود التالية تطورت الفكرة واكتشف العلماء مواد رش أكثر فعالية . كما استعملوا بجانب الطائرات الصواريخ والبالونات التي تنفجر في قلب السحابة مالئةً إياها بالمواد الملقحة !! غير ان هذه الطريقة كما ذكرت سابقا لاتصلح مالم تتوفر في الجو أصلا سحب ماطرة وبالتالي لايمكن ان تنجح في المناطق الصحراوية (وأذكر أن الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة جربت استعمال هذه الطريقة في المنطقة الجنوبية ولكن بلا نتيجة تذكر لعدم توفر السحب الركامية أصلا). أما في فيتنام فكان مجرد وجود السحب الركامية فوق منطقة العدو يكفي لإمطارها بغزارة ! بقيت ملاحظة بسيطة .. مشروع "بوب آي" مضى عليه الآن أربعون عاما على الأقل !!!