أثار قرار الهيئة التمييزية حول السماح للمشمولين بقرارات هيئة المساءلة والعدالة بالدخول في الانتخابات الكثير من الجدل داخل الشارع السياسي العراقي، وانقسم السياسيون بين معارضين للقرار ومؤيدين ومترقب للحالة. ومما أثار الجدل خروج قرار الهيئة التمييزية بنفس النقاط التي اعلنت عنها المبادرة الامريكية على لسان نائب الرئيس الامريكي التي تضمنت السماح للمشمولين بقرارات المنع مقابل تدقيق موقفهم بعد الانتخابات، والتي نفاها نائب الرئيس الامريكي خلال زيارته الى بغداد مؤخرا. المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة علي اللامي، المقرب من رئيس حزب المؤتمر الوطني احمد الجلبي وصف قرار هيئة التمييزية بشأن أرجاء النظر بالمرشحين للانتخابات بانه قرار "لا قيمة قانونية له". وقال اللامي في تصريحات صحافية، إن "عودة المستبعدين تعد مسألة خارجة عن اختصاص الهيئة التمييزية وهي قد شكلت للنظر بالطعون التي ترد على قرارات الهيئة وليس إلغاء قرارات الهيئة"، مشيرا الى ان "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لا تعمل وفق قرارات الهيئة التمييزية ولا اثر قانوني يترتب عليها ولن يتخذ أي اجراء من قبلها بشأن المستبعدين". من جانبها، اكدت رئيسة الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا للانتخابات حمدية الحسيني ان المفوضية "تقدمت بطلب عاجل الى المحكمة الاتحادية العليا لبيان قانونية التزام المفوضية بقرارات الهيئة التمييزية من عدمه بخصوص المشمولين بقرارات هيئة المساءلة والعدالة". وقالت الحسيني، في تصريحات صحفية يوم أمس الأول ان "المفوضية سوف لن تتخذ أي اجراء بشأن الهيئة التمييزية الا بعد رد المحكمة الاتحادية"، مشيرةً الى ان "في حال تأكيد المحكمة عدم الزامية قرارات الهيئة التمييزية فأن المفوضية لن تسمح بمشاركة المرشحين المشمولين بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة". من جهته، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قرار الهيئة التمييزية بانه "وصمة عار". وقال الصدر في بيان صحافي، تسلمت "الرياض" نسخه منه يوم أمس الأول إن "الغاء قانون اجتثاث البعثيين لا يعني الخلاص من الارهاب والمفخخات بل يعني صعوده الى اعلى المستويات لكي يشرع ويسن الارهاب ويكون الشعب والمقاومة والحكومة في مصاف الارهاب"، حسب قوله. واشار الصدر الى ان "تأجيل اجتثاثهم عين المنكر وان البعثيين هم اعداء الله قبل ان يكونوا اعداء الشعوب والاديان بل هو سبب الحروب والتخلف والقمع والدكتاتورية وغيرها من امور الشر والارهاب"، حسب تعبيره. الموقف الحكومي الرسمي العراقي اعلن عنه علي الدباغ الناطق الرسمي للحكومة العراقية والذي عدَ القرار غير دستوري. واكد الدباغ ان "القانون يجب أن يطبق على من تستوفى بحقه إجراءات وآليات الطعن والإستئناف ويثبت أنه مشمول بالقانون، وكذلك من تم شموله سابقاً بالقانون النافذ وكذلك الأشخاص المتهمون بإرتكاب جرائم الإرهاب أو تقديم شهادات دراسية مزورة". وأضاف الدباغ ان الحكومة العراقية "تحرص على أن تجرى الإنتخابات التشريعية بصورة شفافة ونزيهة وأن تتوفر فيها كل المعايير القانونية وأن يحرص الجميع على توفير فرص متساوية لجميع المرشحين وأجواء ديمقراطية تضمن توفير كامل الشرعية لها". الى ذلك، دعت النائبة المستقلة صفية السهيل رئيس مجلس النواب الى الدعوة لعقد جلسة طارئة لمناقشة قرار الهيئة التمييزية بتأجيل قرارات هيئة المساءلة والعدالة الى ما بعد الانتخابات. واكدت السهيل ل"الرياض" ان "الهيئة التمييزية اعطت لنفسها الحق باتخاذ قرارات سياسية وليس قانونية، والهيئة التمييزية لا تملك الصلاحية بإصدار قرارات سياسية"، مؤكدة ان "هذا الحق لا تملكه أي جهة". واعتبرت السهيل ان "الهيئة التمييزية لا تملك سند قانوني بقرارها هذا ،وانها قد تجاوزت صلاحياتها وأعطت لنفسها صلاحيات لا يملكها مجلس النواب نفسه"، حسب تعبيرها. واوضحت ان "المهمة التي أنيطت للهيئة التمييزية هي النظر بالطعون لضمان عدم غبن أي كتلة أو حزب أو شخصية، والتصديق على قرار الاستبعاد للذين يثبت عليهم قانونيا ومن خلال الوثائق والمستندات التي تقدمها هيئة المساءلة والعدالة". التواجد الأمريكي في العراق تجاوز الإطار العسكري (أ.ف.ب) واستغربت السهيل ان يحمل قرار الهيئة التمييزية نفس المبادرة الامريكية التي اعلن عنها نائب الرئيس الامريكي جو بايدن، وتساءلت هل هي محض صدفة؟. أما رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي دعا الى عقد جلسة طارئة يوم الاحد لمجلس النواب لمناقشة القرار الذي اتخذته الهيئة التمييزية بشأن السماح للمشمولين بقرارت المساءلة والعدالة في خوض الانتخابات. وبين السامرائي ان عقد الجلسة الطارئة جاء بناء على طلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. ورأى التحالف الكردستاني ان ما اقرته الهيئة التمييزية "يمثل حلا وسطا لقرارات هيئة المساءلة والعدالة". وقال القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان، في تصريحات صحافية، إن "ما اقرته الهيئة التمييزية بالغاء قرارات المساءلة والعدالة يمثل حلا وسطا، والتحالف الكردستاني يحترم قرارات القضاء" . وكشف عن ضغوطات اميركية واوربية وعربية ومن الاممالمتحدة "ساهمت بقرار الهيئة التمييزية الغاء قرارات المساءلة والعدالة بابعاد عدد من الكيانات والمرشحين"، موضحا أن "العملية الانتخابية بحاجة إلى عودة المستبعدين لكي تكتسب شرعيتها". من جهتها قالت عضو مجلس النواب والمنتمية إلى جبهة التوافق العراقي تيسير المشهداني ان "القضاء اراد لهؤلاء ان يشاركوا في الانتخابات حتى يكون لديه الوقت الكافي ليتم دراسته هذه الطعون وللعلم فأنه قد سمح فقط لمن قدم طعنا بالقرار واما الذي لم يقدم طعنا فهو اصلا مستبعد"، مشيرة الى ان "جبهة التوافق قد بذلت جهودا ومساعي بهذا الموضوع من اجل تقريب وجهات النظر لأن موضوع الانتخابات واجرائها في وقتها المحدد امر مهم جدا».