ثمة علاقة وثيقة بين درجة حرارة الجو وما نأكله من طعام.. وأكاد أستحضر من ذاكرتي وأرى بين السطور ماكنا نأكله نحن الأطفال أيام زمان من (حنيني) أيام الشتاء وقبل ذهابنا للمدارس.. بعد أن يقمن نساء المنزل بإعداده (الحنيني) من التمر والقرصان والزبدة.. بعد صلاة الفجر.. وأكاد أجزم ان (بعض) شابات ونساء هذه الأيام لم يذقن أو يعرفن ماهو (الحنيني) فما بالكم بإعداده لرب العائلة وأطفاله أيام الشتاء.. ماعلينا.. والعامة تقول ان فصل (المربعانية) عندما توشك على الانتهاء توصي الفصل الذي بعدها (الشبط) قائلة عليك باللي لبسه (خفيف) وأكله (دويف) واتركي اللي ناره (سمر) وأكله تمر.. و(الدويف) على ما أظن طعام رديء آنذاك ليس فيه سعرات حرارية كافية.. أي لا يغني ولا يسمن من جوع.. ويقابله هذه الأيام مايسميه خبراء التغذية بال(جنق فوود) أين منه التمر والذي يعتبره العربي غذاء كاملاً إذا تناولته في الشتاء وأنت تتدفأ بنار وقودها السمر.. وأعود إلى (الشبط) التي يوشك نوءها الأول على الانتهاء.. وهو نوء النعايم.. الذي برده يصحي النايم كما تقول العامة (أيضا) ومن الطبيعي أن برودة الجو تفتح الشهية للأكل.. وتضطرك للبس الثقيل من الملابس.. والجو الحار يجعلك تكتفي بأقل القليل من الأكل.. فلا سعرات (أو كالوري) يحتاجها جسمك لتوليد طاقة.. وحرارة الجو تكتم على نَفَسك أونفسِك.. تاركة معدتك في حيرة كيف تهضم مابها من طعام مهما كان قليلا.. والخفيف من اللبس الذي تضطر لتغييره في اليوم عدة مرات.. وعن نفسي أقول إنني أفضل الصيف على أية حال.. لخفته وقلة مؤونته من لبس وأكل ونحوهما.. أيضاً لأنه (لا سمر) يوقد ولا حنيني يولم.. وبمناسبة الحديث عن (الحنيني) هناك قصة تُروى عن طفلين صديقين أحدهما ولد أثرياء لا تسمح له أمه بالخروج من المنزل إلا بعدما يشبع من الحنيني ويلبس (الجوخ) رأى صديقه الفقير رث الملابس ذات يوم شتاء.. وهو يرتجف من الجوع والبرد.. قال له ببراءة الأطفال ليش ماتروح لامك (توكلك حنيني وتلبسك جوخ) وإلى سوانح قادمة بإذن الله.