أمامي عدة موضوعات أريد أن أكتب عنها، وكل واحد منها يزاحم الآخر، ولكن ما حدث لنورة صرفني عن كل هذه المواضيع، رغم أنه ليس الحادث الأول من نوعه، بل ربما كان الحادث الأول بعد المائة، وأريد أولا أن أعود إلى الوراء ستين عاما عندما انتهيت من دراستي في الولاياتالمتحدة، وسكنت في الرياض، وفي أول أسبوع من سكني جاء وايت أو صهريج لنزح بيارة جاري، وعندما فرغ السائق من شفط البيارة لم يضع عليها الغطاء، وبعد ساعة خرج طفل جاري يلعب فسقط في البيارة ومات، وذهب صديقي إلى الشرطة فقالوا له إن الحادث قضاء وقدر ولا يستطيعون أن يتخذوا أي إجراء ضد السائق. وبعد أسبوع من هذا الحادث سافر صديق إلى الخبر وفي الطريق اصطدم بجمل ومات، واعتبرت هذه الحادثة أيضا قضاء وقدر. ومرت الأعوام بعد ذلك وفي كل عام تتكرر نفس الحادثتين: طفل يسقط في بيارة، أو سيارة تصطدم بجمل، وفي كل الأحوال لا تتخذ أي إجراءات ضد المتسبب. ونعود إلى نورة الطفلة التي تبلغ من العمر 13 عاما والتي تسكن عائلتها شقة شرق مدينة الرياض وحين خرجت من بيتها في السادسة صباحا لتركب في سيارة والدها كي يوصلها إلى مدرستها سقطت في بيارة المطعم المكشوفة بجوار بيتها، وحاول أبوها أن ينقذها فلم يستطع، وعندما جاء الدفاع المدني وانتشلها وجدها ميتة، وأكد الأب خالد المالكي أنه سيرفع قضية ضد صاحب المطعم وضد العامل الذي سحب مياه الصرف لأنهما اشتركا في التسبب بوفاة ابنته لأنهما أهملا تغطية البيارة، والمفروض بدلا من ذلك أن يستدعي الشرطة لتقبض على العامل وصاحب المطعم بتهمة الإهمال الإجرامي الذي يصنف في رأي الأحناف كقتل بسبب وموجبه الدية ويعتبر قتلا شبه عمد عند الحنابلة يوجب الدية، وعلى أية حال فالدية لن تخفف من حزن الأب والأم، والمطلوب استنفار قوى الأمن لوضع حد لمسلسل الموت هذا، والمفروض ألا يلدغ المؤمن من جحر مرتين..