أدى ارتفاع أسعار المحروقات وقلة أنواع الوقود البديل اللازم لوسائل النقل في الآونة الأخيرة إلى اتجاه بعض الدول مثل البرازيل وبعض بلدان الاتحاد الأوربي والولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تعد منتجاً رئيسياً للحبوب الغذائية، إلى إنتاج الوقود الحيوي السائل من المحاصيل الزراعية. ويتخذ الوقود الحيوي المستخرج من تلك المحاصيل هيئتين: الأولى: الإيثانول المستخرج من النباتات السكرية (قصب السكر والبنجر) أو الحبوب ويمكن إضافته إلى البنزين، والثانية: الديزل الحيوي المستخرج من البذور الزيتية أو زيت النخيل ويضاف إلى الديزل. ويقول الدكتور عبدالله الثنيان (الخبير في المجالات الغذائية والاقتصادية) أن من أهم دوافع تلك الدول لاستخدام المحاصيل الغذائية في إنتاج الوقود الحيوي هو تقليل الاعتماد على النفط المستورد وكبح انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري والتي عقد بصددها مؤتمر الأرض في كوبنهاجن في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى تشجيع الزراعة المحلية وتخفيض آثار تغير المناخ والإسهام في تحقيق أمن الطاقة وإنتاج طاقة نظيفة. وأضاف في سياق حديثه ل (الرياض): أن تقرير منظمة الأغذية والزراعة الأخير أظهر أن إنتاج الوقود الحيوي سيزيد من الجوع في العالم الذي يعاني منه حوالي مليار شخص ويتسبب في وفاة ما لايقل عن (100) ألف إنسان سنوياً، علماً بأن إنتاج (13) لتراً من الإيثانول يحتاج إلى أكثر من (231) كجم من الذرة والتي تؤمن الطعام لطفل في إحدى الدول الفقيرة لمدة عام كامل، الأمر الذي يؤثر بشدة على الميزان الغذائي في البلدان ذات الدخل المنخفض. ويؤكد أنه بالرغم مما للوقود الحيوي من قدرات محتملة على تحسين أمن الطاقة، إلا أنه وباستخدام الجيل الحالي من التقنيات سوف لا يسهم إلا بتحسن طفيف لأن المحاصيل المحلية التي تستخدم كمواد خام لإنتاج الوقود الحيوي لا تلبي إلا جزءاً صغيراً من الطلب على وقود النقل والاستثناء من هذه القاعدة هو إنتاج الإيثانول في البرازيل. ويزيد بقوله: أنه وفقاً للتوقعات التي أعدت في الآونة الأخيرة أن نحو (30%) من محصول الذرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن أن تستخدم لإنتاج الإيثانول خلال عام 2010م وتقدر بحوالي (85) مليون طن بعد أن كان لايتجاوز (15) مليون طن عام 2000م، ومع ذلك فإنه لن يوفر إلا أقل من 8% من استهلاك الولاياتالمتحدةالأمريكية من البنزين. أما الجيل الثاني من التقنيات التي تستخدم الكتلة الحيوية (المخلفات) الزراعية فإنه يمكن أن يقدم إسهاماً أكبر في تحقيق أمن الطاقة. ويحذر من أن إنتاج الوقود الحيوي قد يسبب مشاكل بيئية إذا لم تتم إدارته بشكل جيد، وأخطر هذه المشاكل امتداد المحاصيل المنتجة إلى البراري مما يضر بالتنوع البيولوجي، كما أن التوسع في إنتاج الوقود الحيوي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الغذائية والتي تستخدم أيضاً كسلع وسيطة حيث أن الذرة مكون أساسي في أعلاف الدواجن، وكذا الحبوب التي تدخل ضمن مكونات الأعلاف الحيوانية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أسعار اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان ولحوم الدواجن وبيض المائدة، كما أن التوسع في زراعة محاصيل إنتاج الوقود الحيوي يمكن أن تستنزف الموارد المائية. وأستطرد مواصلا حديثه للرياض: أنه على مستوى العالم ارتفع حجم الاستثمار في إنتاج الوقود الحيوي من نحو (5) مليارات دولار في عام 1995م إلى حوالي (38) مليار دولار عام 2005م ويتوقع أن يصل إلى (100) مليار دولار عام 2010م ، وقد بلغ إنتاج الإتحاد الأوربي من الوقود الحيوي نحو (8) مليون طن عام 2008م وارتفع إلى (21) مليون طن عام 2009م الأمر الذي يظهر حجم المستخدم من الحبوب في إنتاج هذه الكميات مما يعمق حجم المجاعة في دول العالم الفقيرة، ويؤدي إلى انخفاض المعروض العالمي من تلك الحبوب وبالتالي ارتفاع أسعارها ويزيد آلام الجوعى. فهل يصبح إنتاج الوقود الحيوي أداه لتجويع دول العالم الفقيرة وزيادة الهوة بينها وبين دول العالم الغنية ؟ ويوصى الدكتور عبدالله الثنيان في ختام حديثه بضرورة التنسيق بين الدول العربية لوضع خطة قومية تبني على التكامل بمشاركة كافة الجهات المتخصصة ومراكز البحوث وأصحاب رؤوس الأموال للإستغلال الأمثل للموارد الزراعية المتوفرة بالمنطقة من أراضي خصبة وموارد مائية وعوامل مساعدة لإنتاج الكميات التي تحقق الإكتفاء الذاتي عربياً من المحاصيل الزراعية واللحوم الحمراء والبيضاء وكافة المنتجات الغذائية لتقليل الفجوة الغذائية وما يتبع ذلك من خفض الإعتماد على الإستيراد.