عند الحديث عن شعر الوصف وانسياق العدد الكبير من الشعراء وراءه، لوجدنا أن هناك علاقة وطيدة بينه وبين الشاعر، لأن الشاعر بطبيعته يميل إلى الوصف في قصائده.. الشعر في كل العصور لغة القلب والوجدان، وملاذ الإنسان حين تشتد به وطأة الحياة المادية. ينتقل بصوره العذبة وإيقاعه الساحر إلى فضاءات علوية، تتحرر فيها الروح من أغلالها، وتستريح فيها النفس من معاناتها اليومية، والأعصاب من توترها وقلقها، وتجد في أجوائها السكينة والطمأنينة. ويبقى الاهتمام بالشعر في فنونه المتنوعة قائما لا ينقص منه اهتمامنا بنوع أدبي آخر انتشر في هذا العصر انتشارا كبيرا، وارتبطت به فنون أخرى في السينما والتلفزة كفن التمثيل والإخراج وغيرهما. إذا نظرنا إلى الوصف منذ القدم لوجدنا أنه موجود منذ العصر الجاهلي ذلك العصر الذي يصور لنا الحياة بمختلف أشكالها وألوانها في تلك الفترة حيث رسم لنا تفاصيل حياة الجاهليين من جميع نواحيها. وإذا نظرنا إلى الوصف في ذلك العصر لوجدنا أنه غرض من أغراض الشعر القديمة حيث واكب الإبداع الشعري منذ الجاهلية ولا يزال غرضاً مطروقاً حتى اليوم، والوصف يسير في مسلكين اثنين. فهو إما أن يكون ممتزجاً مع غيره من الموضوعات الأخرى كالمدح والرثاء والفخر وإما أن يكون غرضا مستقلاً بذاته. في العصر الجاهلي كان الوصف منصرف إلى مظاهر الطبيعة الخارجية سواء كانت هادئة كالصحراء والرمال والجبال وما شاكل ذلك، أو حية متحركة كالإبل والخيل التي كان الجاهليون يركبونها والغزلان والنعامة والبقرة الوحشية، ومع ذلك فإنهم لم يعالجوا إلا صنوفاً بعينها من حيوان الصحراء، فقلما نجد في شعرهم ذكراً للفهد أو اليربوع أو الأرنب مع أنها أكثر اتصالاً بحياتهم.. الشعراء الآن أغلبهم أبدع في الوصف من خلال قصائده وخصوصاً العاطفي، ولذلك نجد أن أبيات العاشقين هي أكثر تأثيراً ودقة من خلال لحظات الوداع.. في أمل اللقاء.. وفي فرحة الرجوع.. ومن هنا نجد ان شعر الوصف في هذه الفتره أخذ منحنى آخر اتجه إلى المرأة بشكلٍ عام، ومن هنا نجد أن الكم الهائل من قصائد الشعراء الآن تنصب كلها عن وصف المرأة والعشق والهيام والغرام.. وتبقى ذائقة المتلقي هي الحكم في النهاية، لأنه كما هو معروف أن شريحة عريضه من المتلقين للشعر يميلون كلياً للشعر العاطفي الوصفي الذي يحرك المشاعر .. أخيراً : ظهر وجه الفجر وأثري نسيت // أن المدامع سيل على خبري بك البارح // خيال وصورة وتجريح أشب سراجي الجالس .. عليه أقرأ الحكي ترتيل سهرت وكانت الليله // على وجه الهموم تطيح