أن يقول الإنسان رأيه فهذا حق من حقوقه مكفول له في كل الأعراف، والمفاهيم، والثقافات، والتعاطي الحضاري والفكري، وهو حق مقدس ليس لأحد صلاحية أن يصادره، أو يسلبه، أو يقمعه، لكن من حق الآخرين - أيضاً - أن يتفقوا مع هذا الرأي، أو يناقشوه، أو يختلفوا معه. غير أن حرية الرأي، والمساحة المتاحة للكل في طرح آرائهم، وممارسة إبداء وجهات نظرهم في الناس، والحياة، والشأن العام تقف عند حدود لا تتجاوزها سيما إذا كانت هذه الخطوط حمراً في ألوانها، خطيرة في أبعادها، كارثة إن خاض فيها كل من هب ودب، ومن لم يدب بعد ، ومن كان في أولى خطوات الحبو، وبدايات تهجئة حروف الوعي، والفكر، والممارسة الحياتية، والتعاطي في الشأن العام ، ولم يبلغ حد النضج في الرأي، والوعي الشامل بأبعاد ما يطرحه، أو يناقشه، أو يعتقد أنه مفهوم صائب، وهو في حاجة إلى تصويب. نفهم أن الكلمة كالرصاصة تملكها إذا لم تضغط على الزناد، وتنطلق الرصاصة في اتجاهها الذي أردته، أو لم ترده. الكلمة إذا كانت تكويناً، ومشروع رأي في داخلك، فإنها في كل الأحوال ملكك. لكن إذا أطلقها الإنسان، أو القلم فإنها أكثر فتكاً من الرصاصة، وأشد تدميراً من الأسلحة القاتلة، وليس بإمكان الإنسان السيطرة على تداعياتها، وما تثيره من إشكالات. هذا إذا كانت الكلمة شريرة ومتجاوزة لكل مفاهيم السلوك الإنساني، وأدب الحوار والنقاش وتعاطي الأفكار التي يفترض أن تكون بناءة وهادئة ورزينة. حرية الرأي مكفولة ومقدسة، لكن هذه الحرية تتوقف تماماً بل وتحجم إن لم نقل يحجر على بعض ممارسيها إذا ما تحول الرأي إلى إثارة فتنة، أو تباعد بين شرائح المجتمع، أو تحريك نعرات مذهبية، أو قبلية، أو مناطقية، أو اجتماعية تفضي بالمجتمع إلى مآزق، ومشكلات، وأحقاد نحتاج إلى زمن طويل. وأكلاف باهظة لردمها، والقضاء عليها. الوحدة الوطنية خط أحمر. وعلائق المملكة مع الأنظمة العربية والإسلامية والأجنبية - أيضاً - خط أحمر. وروابط الإنسان السعودي مع الآخر مهما كان معتقده، أو لونه، أو عرقه، أو مذهبه خط أحمر - أيضاً -. لقد بذل خادم الحرمين الشريفين جهداً جباراً وهائلاً في مؤتمر «حوار الأديان» وتميزت المملكة بهذا التسامح الفكري فهل نعقل، ونحفظ أمن الوطن والإنسان؟!