أتفق بشدة مع محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر بأن البنوك السعودية ليست جمعيات خيرية، وهذا ما تحدث به أول أمس في حوار مع رجال الأعمال بمجلس الغرف التجارية بالرياض، ورجال الأعمال يدركون ذلك جيدا وقد يكونون هم مستثمرون بالبنوك وأول من يطالب بالأرباح والنتائج المالية، لا أحد يشكك أو يطالب بالبنوك بأن تقوم بدور "خيري" لأحد كمبدأ اقتصادي لا أحد يشكك به، ولا يعتبر ذلك مسؤولية اجتماعية أو غيرها، فهي مؤسسات تهدف للربح وهذا ما نؤكد عليه دائما. ولكن سأتوقف عند نقطتين رئيسيتين وهي الشفافية والإقراض، وهنا أتوقف مع المحافظ بنقاش بطرح أسئلة وهي أسئلة الكثير من المراقبين ورجال الأعمال وكل مهتم، وهو ما الذي يمنع البنوك من أن تعلن عن حجم التعرض الائتماني لديها سواء نتيجة الأزمة المالية أو مع رجال أعمال أفراد أو شركات؟ والسؤال الآخر لماذا المخصصات المالية تستقطع كل ربع سنة الآن ومنذ أكثر من سنة حتى قاربت 7 مليارات ريال؟ هذا ما يخص الائتمان بالبنوك وهذا لم يعلن عنه أي شيء مباشر وغير مباشر عدى تطمينات عامة، فإن كانت "فعلا" مطمئنة ولا تعاني البنوك أي مشاكل أو مخاطر فلماذا لا يعلن عنه؟ بل سيكون عامل قوة ودعم للقطاع المصرفي، نحن نريد بالأرقام لا تطمين عام لا يعكسه واقع السوق حقيقة. الأمر الآخر هو التمويل، فالبنوك الواضح أنها تغيرت بنسبة كبيرة جدا بعد اهتزاز الأسماء العائلية، والتمويل أصبح للكبار أكبر من أن يتجه للأفراد، وهذا حق كامل ومشروع للبنوك وأدافع عنه مباشرة لأنها لن تخاطر بأموال المودعين، ولكن ماذا سيحدث للمتوسط والصغير بعد ذلك؟ لأن الضمانات الآن مطلوبة بنسب تصل 100%، ومن يقدم ضمانات أو لديه ضمانات بهذه النسبة لن يحتاج البنوك، "سابك" بكل حجمها وقدرها استدانت من صندوق الاستثمارات العامة قبل أيام بمقدار 10 مليارات ريال، ماذا يعني ذلك؟ هل عدم قدرة للبنوك بتوفر النقد؟ أم شكوك بسابك؟ أم تحفظ؟ أو وسيلة تمويل أخرى اعتيادية؟ أسئلة كثيرة للمحافظ لماذا لجأت سابك "للدولة" وغيرها من شركات البتروكيماويات "كالمجموعة" السعودية سابقا؟ لماذا لا نقول البنوك "جبانة" كرأس مال يبحث عن الاستثمار وهذا المشروع لحد مقبول ومقنع، ومؤسسة النقد لا تملك إجبار أي بنك أن يقرض، إلا بتغيير سياساتها المالية بالتسعير كجزء من حل، ولكن لا تملك إجبار إدارة البنوك في الإقراض والتمويل، ونتائج البنوك المالية توضح التباين في النتائج. الواضح الآن أنه بتوجيه من مؤسسة النقد فلن نلوم الآن البنوك بقدر المؤسسة التي لديها كل الأرقام الإجمالية، وأما التمويل فللبنوك شروطها وتحفظها، ولكن على المؤسسة أن تساعد البنوك بتشجيعها ودفعها "بالحوار" للإقراض، فصندوق الاستثمارات العامة لن يقرض غير شركاته التي يمتلك بها كما حدث بسابك، ولكن لن تمول المتوسط والصغير، والصناديق خارج النظام المصرفي لا تفي بحاجة السوق.