! يعتبر النفط سلعة استراتيجية مهمة، فمن جانب هو أحد الموارد الناضبة – أي أنه غير قابل للتجدد- ومن جانب آخر فهو يحتل المركز الأول بين مصادر الطاقة كافة، وذلك بالرغم من التطور الذي تشهده مصادر الطاقة الأخرى كالغاز الطبيعي و الطاقة الكهرونووية والطاقة المتجددة، إلا أنه لا يوجد حتى الآن بديل كامل للنفط. حيث إن أغلب القطاعات الاقتصادية قائمة بحد ذاتها على النفط، وذلك على اختلاف طبيعة اقتصاد الدول. وتبعاً لذلك فإن معدل النمو الاقتصادي في دولة ما – والذي يتم قياسه بالناتج المحلي الإجمالي (GDP ) – يتناسب طردياً مع كمية الاستهلاك من النفط، وخير مثال على ذلك هو التقدم الملحوظ الذي يحققه اقتصاد دولة الصين. بناءً على تقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن اقتصاد الصين سينمو بمعدل 6.5% حتى عام 2030، و أن ذلك النمو المتصاعد سيصاحبه نمواً في الطلب على النفط، بمعدل نمو سنوي 3.6% ليصل مقدار طلب الصين على النفط عام 2030 إلى 16.4 مليون برميل يوميأ. وبذلك نستطيع معرفة سبب كون دولة الصين تحتل المركز الثاني في استهلاك النفط عالميأ - بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية – وفي كونها استحوذت على 36% من حجم الزيادة العالمية في استهلاك النفط عام 2005، علماً بأن دولة الصين كانت تصنف ضمن قائمة أهم الدول المصدرة للنفط وذلك ليس منذ زمن بعيد. وتجدر الإشارة لأهمية دولة الصين لقطاع النفط السعودي (خاصةً في السنوات العشر الأخيرة). حيث تعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر منتجي النفط عالميأ كما أنها تحتل المركز الأول في احتياطيات النفط المؤكدة. ومن هذا المنطلق تؤكد «IEA» أن 50% من صادرات المملكة النفطية عام 2008 كانت من نصيب دول آسيا –الصين واليابان بشكل خاص-، وبالمقابل فإن المملكة تعتبر أحد أهم موردي النفط الخام لدولة الصين، إذ إنها زودت الصين بنسبة 20% من وارداتها. مما سبق السؤال الذي يطرح نفسه: هل تتأثر أسعار النفط العالمية بتزايد طلب الصين على النفط؟ تصعب تحديد الإجابة عن ذلك السؤال بنعم أو لا, نظراً لطبيعة تشابك و تداخل محددات أسعار النفط العالمية من وقت لآخر، حيث أنها تتذبذب فيما بين المضاربات في أسواق النفط الآجلة و الفورية كما أنها تتأثر باقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية و لاسيما بسعر صرف الدولار ولكن يمكن القول إن استمرارية نمو الطلب الصيني على نفس الوتيرة قد خفف نسبياً من التأثير السلبي للأزمة المالية الأخيرة على أسعار النفط. وعلى صعيدٍ آخر فإن العلاقات الدولية و العوامل السياسة غير المستقرة تلعب دوراً كبيراً في التأثير على أسعار النفط العالمية. ولكن على الرغم من كل ذلك إلا أنه من المنطق أن يتأثر سعر النفط بطلب الصين المتزايد عليه – خاصةً مع تناقص العمر الافتراضي للنفط يوماً بعد يوم-؛ لأن النفط أولاً و أخيراً يعد سلعة اقتصادية وبالتالي فإنه من المتوقع أن تنعكس قوى السوق (جانب الطلب خاصة) على السعر. و تحول سوق النفط من سوق للبائعين إلى سوق للمشترين في الآونة الأخيرة يؤكد هذا الأمر. باختصار: سوق النفط الدولية تتسم بالتعقيد و التشابك؛ حيث لا يمكن الجزم بدرجة استجابة أسعار النفط العالمية لتزايد طلب الصين على النفط. إلا أن تناقص عمر االنفط الافتراضي يوماً بعد يوم – في ظل عدم وجود بديل كامل للنفط حتى الآن- مع تزايد الطلب عليه معادلة شبه مستحيلة الحل، و بالتالي كنتيجة منطقية لهذا الأمر لابد من حدوث اختلال في توازن سوق النفط و في الغالب ذلك الاختلال يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية. *طالبة في جامعة الملك سعود- قسم الاقتصاد