ألقى سالم الشاعر مدير عام الهيئة العامة للمعلومات بدولة الامارات كلمة في اليوم الأول للمؤتمر الأول للحكومة الإلكترونية الذي أقيم في العاصمة العمانية مسقط، سلّط خلالها الضوء على التحديات التي تواجه مشاريع الحكومة الإلكترونية عموماً، وفي دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص. وحدد الشاعر تحديات الحكومة الإلكترونية بخمس نقاط هي: تحدي القيادة، والاستراتيجية، والعملاء، والتكنولوجيا وأخيراً رأس المال. وينطوي تحدي القيادة على معضلة تتمثل في أن مبادرات التحول الإلكتروني عموماً تلقى اهتماماً كبيراً في مراحلها الأولى، وتحظى بالدعم القوي من الحكومات والقيادات في مختلف الدول. لكن تلك المشاريع سرعان ما تبدأ في الخروج من «شاشات رادار» الحكومة، ثم تتوارى في أسفل سلّم الأولويات. والتحدي الماثل أمام القائمين على مشاريع الحكومات الإلكترونية يتمثل في كيفية الرجوع إلى نطاق الاهتمام الخاص بالقيادات (شاشات الرادار)، وذلك لضمان استمرار الدعم المطلوب من القيادة. أما عن تحدي الاستراتيجية فقال الشاعر إن وضع استراتيجية واضحة للتحول الإلكتروني يعد من الضرورات القصوى التي تحرص مشاريع الحكومة الإلكترونية عموماً على تنفيذها. لكن بالنسبة للعديد من المبادرات، تتحول الوثائق الاستراتيحية الخاصة بالحكومة الإلكترونية إلى أرشيف تعلوه طبقات الغبار، ولا يتم الرجوع إليه إلا نادراً. والتحدي الماثل أمام مسؤولي الحكومة الإلكترونية يتمثل في استعادة مكانة تلك الاستراتيجيات الموثقة لتلعب دورها كبوصلة تحدد الاتجاه العام والتوقعات المستقبلية. ومن الأمور التي تستدعي الانتباه في هذا الشأن أن الجهة القيادية التي تعتمد الاستراتيجية، وعادة ما يكون مجلس الوزراء أو الجهات المماثلة، تقرّ الاستراتيجيات بعد مناقشات مطولة تؤخذ فيها الاعتبارات كافة. والمفارقة أن ما يتذكره الوزراء من تلك الاستراتيجيات لا تتعدى نسبته 15% في أحسن الأحوال، الأمر الذي يجعل من السهل تناسي تلك الوثائق وبقائها طي التجاهل. ومما يثير الشجون في النفس أن المسؤولين والوزراء أنفسهم الذين أقرّوا الاستراتيجية في المقام الأول، ربما يكونون من الأشخاص المعطلين لتنفيذ تلك الاستراتيجية عندما يستدعي الأمر اتخاذ خطوات عملية لوضعها موضع التنفيذ. وفي هذا الصدد، فإن التحدي الذي يواجه مسؤولي الحكومة الإلكترونية يتمثل في إعادة مد جسور التواصل مع المسؤولين، وترميم تلك الجسور بصورة متواصلة من أجل الإبقاء على دعمهم لمشروع التحول الإلكتروني متجسداً في مبادرة الحكومة الإلكترونية. وفي مجال تحدي العملاء، قال الشاعر إن أهم نقطة هنا تتمثل في الفجوة بين الحاجات الفعلية للعملاء وبين ما يُعتقد أنه حاجات فعلية للعملاء. وذلك ناجم في كثير من الأحيان عن عدم إجراء الدراسات الميدانية والمتخصصة لمعرفة حاجات العملاء وتوقعاتهم من الحكومة الإلكترونية. وقال الشاعر: «من المهم الاستمرار في قياس درجة حرارة العلاقة بين الحكومة الإلكترونية والعملاء، وذلك عن طريق قياس مستوى رضا العملاء، باعتبار أن ذلك يساعد في تعزيز مستويات تبني الخدمات الإلكترونية، وهو من الاهداف السامية بالنسبة للحكومة الإلكترونية.» والتحدي الأخير في قائمة تحديات الحكومة الإلكترونية، يتعلق برأس المال البشري. فالعمل في هذا المجال المستجد والحساس يتطلب مهارات خاصة ومتطورة. ويتعين على الحكومة أن تدخل في تنافس حاد مع القطاع الخاص على الكفاءات المتوفرة. وفي كثير من الأحيان يقع التنافس الحاد بين الإدارات الحكومية ذاتها على الكفاءات المتوفرة. وما لم تكن الحكومة قادرة على الحفاظ على مواردها البشرية المتمرسة والخبيرة، فإنها ستعيش في دوامة الانتقال السريع لموظفيها إلى جهات أخرى. ويتطلب ذلك خطة شاملة لا تبدأ بالتأهيل المتواصل والمتطور، ولا تنتهي بوضع استراتيجيات للاحتفاظ بتلك الكوادر، وإنما تمتد إلى «استنساخ» وخلق بدائل وصفوف ثانية وثالثة في مختلف مجالات الخبرة. ومن شأن الاستنساخ أن يوفر الطمأنينة بالنسبة للقائمين على استراتيجية الحكومة الإلكترونية، إذ إن عدم وجود بدائل للكفاءات الموجودة يحول تلك الكفاءات من نقاط قوة إلى نقاط ضعف للمشروع على المدى الاستراتيجي.