اتفق محللون على ان زيادة الإنفاق الاستثماري، وزيادة الاعتماد لقطاعي التعليم والصحة هما الابرز في ميزانية هذا العام كما يراها المحللون وهي التي تعني المستقبل والحاضر معا. فالميزانية اهتمت بالمواطن وانه الأساس عبر زيادة مخصصات القطاعات التي تلامس حياته اليومية المباشرة وعبر تأمين مستقبل الاجيال القادمة. وقال الدكتور خالد الحارثي رئيس مجلس إدارة ارك للدراسات والاستشارات ان هناك نقطة غاية في الاهمية خلال ميزانية هذا العام وهي زيادة الانفاق الاستثماري، فنلاحظ أنها وصلت إلى (260) مليار ريال مقارنة مع (225) مليارا في الميزانية السابقة. وحقيقة هذه النقطة هي الداعم الاول لبث روح التفاؤل لكل من يقرأ هذه الميزانية. لأن اعتماد الميزانية لقطاع الخدمات أو البنية التحتية سيؤثر على التنمية التي تؤكد عليها خطط التنمية السعودية، وكان ذلك واضحا في خطة التنمية الثامنة عندما أكدت ان الانفاق الاستثماري والاستثمار في الفرد هو الاساس لتنويع مصادر الدخل في السعودية وتحويل الاقتصاد السعودي الى اقتصاد متنوع. وبذلك مثل هذا التوجه في زيادة الانفاق الاستثماري اعتقد ان له دلالات ايجابية للقطاع الخاص وليس للقطاع العام فقط، فما استفاد منه القطاع الخاص من هذه الميزانية هو احساس أولي بأن هناك ميزانية توسعية متفائلة وان هناك مشاريع مما سينعكس على حجم الاعتمادات في موازنات الشركات الكبيرة في القطاع الخاص وحجم التوظيف للعام القادم وهذا سيساعد في زيادة العائد من القطاع الخاص على الاقتصاد الكلي سواء من التوظيف او من المشاريع. ويضيف الحارثي من ابرز النقاط التي اتت بها الميزانية في تقديري هو حرص الحكومة السعودية على زيادة الانفاق والتحفظ في الايرادات، وهذا السياق اعتدنا عليه وانكشفت ايجابياته اثناء الازمة المالية العالمية، فكانت الميزانيات المتحفظة للحكومة السعودية تساهم في زيادة الفائض الذي وجه جزء كبير منه للاحتياطيات والدين العام وهذه خطة تحسب لصالح ميزانية هذا العام خاصة انخفاض الدين العام الذي يعد هماً على زيادة وهامش اكبر لاصحاب القرار في زيادة الانفاق. واستطرد الحارثي: أعتقد ان ميزانية هذا العام افضل من التوقعات، والمصاريف التي اعتمدت هي الاعلى في تاريخ ميزانيات المملكة وهي تعطي اشارة واضحة أن نهج ومسيرة التنمية في المملكة تسير بشكل مستدام، وهناك اولويات لازالت الحكومة تضعها في عين الاعتبار، فالتعليم لازال يمثل الهاجس الاول لخادم الحرمين الشريفين وحكومته، وكعادته اعتمد زيادة لهذا القطاع في ميزانية هذا العام عن الماضي وتم انشاء مدارس جديدة وجامعات في مناطق مختلفة وهذه اشارة واضحة على رقبة القيادة في ان تكون الميزانية موزعة على مناطق المملكة بشكل يسمح بالتنمية في جميع المناطق بالتساوي. اضف الى ذلك أن القراءة الاولية للميزانية تعطي اشارة إلى أن البنية التحتية والمشاريع التي اعتمدت والبنود التي سخرت لتنفيذها خاصة في قطاع الكهرباء والخدمات البلدية والنقل أن الحكومة تسير على نفس النهج الذي بدأته منذ سنوات في دعم البنية التحتية وتنمية الوطن رغم اتساع رقعته. وقال الحارثي كنا نأمل ان نشهد اعتمادات لمشاريع صناعية اكثر، فالنفط لازال هو المحرك الرئيسي في هذه الميزانية وهو الهاجس الاكبر. فالتنويع في المصادر مطلوب عبر مشاريع عملاقة أو دعم تأسيس مشاريع كبيرة كما عهدنا في المدن الاقتصادية وهذا سيساهم في تخفيف حدة الريبة من اسعار النفط وتقلباتها. كذلك كنت آمل في قراءتي للميزانية أن نشهد جدول أو خطة عمل لوزارة المالية لاعتماد المشاريع ولنكن اكثر واقعية واكثر صراحة هناك مشاريع تعتمد ولكن عملية الصرف لهذه المشاريع تكون سببا مقوضا لتفعيل هذه الميزانية وانعكاسها على ارض الواقع. التفاؤل موجود فالارقام التي اشارت الى ملاءمة القطاع المصرفي وكشفت ان هذا القطاع في المملكة لايعاني من أي مشاكل بل على العكس هناك احتياطيات في ازدياد تعطي اماناً للمستثمر المحلي والاجنبي كما انها ستعزز السوق المالية التي ستستفيد بشكل مباشر وهو ما سيظهر على شاشات اليوم بعد اعلان الميزانية خاصة وان السوق كانت بحاجة الى اخبار ايجابية. ونأمل ان القراءات التي اشار لها صندوق النقد والبنك الدولي حول النمو الاقتصادي العالمي ستساهم في زيادة الطلب العالمي على النفط مما سيعزز من ارتفاع ايرادات المملكة في العام القادم وبالتالي كالعادة تكون متحفظة فهي تبنى عند 45 دولاراً للبرميل تقريبا وبالتالي أي ارتفاع في اسعار النفط سينعكس ايجابيا على حجم المصروفات والتي دائما ما تعززها الحكومة خلال العام وتكون المصاريف الفعلية اعلى من المصاريف المتوقعة بأكثر من 50 مليارا كمتوسط خلال الميزانيات السابقة. من جانبه قال الدكتور عبدالرحمن الصنيع استاذ مساعد في كلية ادارة الاعمال إن ميزانية هذا العام كسابقتها ميزانية خير وبركة فبالرغم من الازمة المالية العالمية جاءت ميزانية هذا العام وهي محققة انجازات جديدة خاصة في القطاعات غير البترولية. والملاحظة الاكبر هي تأكيد حكومة خادم الحرمين وحرصها على التعليم فها هو التعليم بشقيه العام والعالي يستحوذ على 25% من ميزانية الدولة هذه النسبة عالية جدا، وهذا التوجه له دلالات كبيرة ورائعة في مسيرة المملكة التي اصبحت مسخرة لتطوير الفرد والنهوض بقدراته عبر الاهتمام بالتعليم، والصحة لاتقل اهمية ولهذا خصصت زيادة بنسبة 17% عن العام الماضي لهذا القطاع، وهذان القطاعان لهما تأثير مباشر على حياة الموطن حاضرا ومستقبلا.