مشاهدات الأسبوع شاهدتُ هذا الأسبوع مجموعة كبيرة من الأفلام تتراوح في مستوياتها بين الجيد والسيئ، أهمها الفيلم النمساوي العظيم (الشريط الأبيض-The White Ribbon) الحائز على سعفة كان الذهبية والذي يستحق مساحة اكبر للتأمل في أفكاره المُربكة لذا سنؤجل الحديث عنه إلى مناسبة قادمة هو وفيلم 2012. أما هنا فسيكون الحديث عن ثلاثة أفلام أنتجت في سنوات مختلفة وتناقش أفكاراً مختلفة والرابط الوحيد بينها هو أنها تستحق المشاهدة.. فإلى الأفلام: The Basketball Diaries الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو كان مبدعاً أيضاً قبل محطة التايتانيك، فهذا الفيلم (مذكرات كرة السلة) الذي قام ببطولته في العام 1995 هو تأكيد للبراعة التي رسمها من قبل في فيلم This Boys Life مع روبرت دي نيرو. في هذا الفيلم يؤدي دي كابريو دور شاب يعيش حياة الفقر في نيويورك ويتمرغ في وحل المخدرات حتى بلغ ذروة الانحطاط. وبعيداً عن إعلان المخرج من أن الأحداث حقيقية، فالفيلم لا يخرج عن الإطار الإرشادي التقليدي الذي يحذر من خطر المخدرات والذي سبق تقديمه في أفلام أخرى وبنفس الأسلوب، إلا أنه حمل تميزاً في الأداء من دي كابريو وكذلك من الممثلة لورينا براكو التي أدت دور والدته الخادمة في أحد الفنادق، وهذه الممثلة يذكرها جمهور السينما جيداً بعد أن وقفت وهي تحمل مسدسها فوق رأس «راي ليوتا» في فيلم العصابات الشهير «رفقة طيبون» عام 1990. The Private Lives of Pippa Lee فيلم مستقل للمخرجة الأمريكية ريبيكا ميلر مأخوذ عن روايتها المنشورة في أغسطس 2008 والتي تحمل نفس الاسم (الحياة الخاصة ل بيبا لي) وفيها –كما هو واضح من العنوان- تروي الجانب السري في حياة السيدة بيبا منذ صغرها وحتى سنواتها الأخيرة مع زوجها ناشر الكتب الشهير، ويعرض الفيلم عبر تنقلاتٍ مميزة بين الماضي والحاضر تجربة «بيبا» مع موجة التحرر في فترة مراهقتها في نهاية الستينات، ومعاناتها الحالية مع زوج عجوز يخونها مع أقرب صديقاتها. وتؤدي الممثلة روبين رايت بين دور البطولة إلى جانب الممثل ألين آركن بدور الزوج، والممثل كيانو ريفيز بدور الجار الشاب الذي يوفر الملاذ ل»بيبا لي» في أحلك فتراتها، والممثلة وينونا رايدر بدور صديقتها، أما النجمتان جوليان مور والإيطالية مونيكا بيولتشي فستشاركان في أدوار محدودة. الفيلم الذي تدور أحداثه في فلك الثقافة والأدب يستعرض حياة بطلته من زاوية واحدة ألا وهي شعورها بالالتزام تجاه زوجها الذي أنقذها من حالة الضياع التي كانت تعيشها في الستينات ووفر لها حياة بديلة لها غاية وهدف، هذا الشعور هو الذي يضغط عليها ويؤجل كل صيحات الشكوى والتمرد التي تكتمها في داخلها منذ سنوات. Awake لم أتحمس لمشاهدة هذا الفيلم لأني كنت أظنه يتناول الأخطاء الطبية من زاوية عاطفية ساذجة خاصة مع وجود جيسكا ألبا في قائمة أبطاله! لكن ظني خاب ووجدته فيلماً جميلاً ومثيراً، وهذه إحدى مزايا السينما الأمريكية؛ أنها تحوّل الموضوعات الجافة والتقليدية إلى إثارة مطلقة تستحق المشاهدة، فعلى الرغم من أن الفيلم يطرح قضية الأخطاء الطبية كعنوان عام إلا أنه يتناولها بأسلوب بوليسي مشوّق تدور رحاه في غرفة ضيقة هي غرفة العمليات. وفيه نرى شاباً ثرياً يعاني من ضعف في عضلة القلب ولا يجد حلاً إلا بإجراء عملية زرع قلب جديد، وهو يتجه الآن إلى غرفة العمليات مصحوباً بدعوات والدته وزوجته الجديدة، واضعاً ثقته في صديقه د. جاك الذي سيجري له العملية رغم معرفته بسجله المليء بتُهمِ الإهمال. وفي غرفة العمليات يتجلى جمال الفيلم وإثارته، إذ يتنقل بين مستويي الوعي واللاوعي للبطل بشكل رائع، اعتماداً على حقيقة طبية تقول إن بعض المرضى لا يستجيبون بشكل جيد للمخدر فيبقون واعين تماماً أثناء إجراء العملية رغم إغلاقهم لأعينهم، وهذا ما يعيشه البطل حين يتخدر جسمه تماماً ومع ذلك يبقى واعياً لما يدور في الغرفة ويكتشف الخديعة الكبرى لكنه لا يستطيع أن يبلغ أحداً.. ويظل ينتظر لحظة النهاية لهذه الجريمة الكاملة.