أحياناً كثيرة تتجاوز معاني الصورة المفردات العادلة التي يفترض أن ترافقها، وأحياناً كثيرة تشعر وأنت تتمازج مع الصورة التي أمامك أنك غير قادر على التعبير، أو الشرح، أو التوضيح، أو حتى الاقتراب من الإحساس بالرغبة لفتح منافذ الحروف. فقط وحده الصمت هو القادر على الحضور، وإنشاء تحالف قوي مع ملامح الصورة التي تصر أن ترتسم بمعزل عن الكلمات. في الصور التي بثها التلفزيون لزيارة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد عودته إلى أرض الوطن معافى حفظه الله لأبنائه ضباط وأفراد القوات المسلحة بالرياض إثر تعرضهم لإصابات أثناء أدائهم الواجب في تطهير الحدود الجنوبية للمملكة من المتسللين، كان البحث لدى المشاهد العادي عن التأثير والتأثر معاً. عن الحس بالوجه الآخر للصورة، وقدرة كل واحد على اكتشافها بحسب رؤيته، وتفسيره. كانت الصورة بوتقة انصهار حقيقية بين القيادة والمواطن، بين القيادة التي حرص سموه رغم حداثة عودته على الاطمئنان على أبنائه الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الذود عن الوطن،وبين هؤلاء الشباب، الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم للدفاع عن تراب هذه الأرض. بين سموه وهو العائد من رحلة علاجية طويلة، ومؤلمة لكنها لم تكن لتنسيه هؤلاء الأبناء، واعتياد سموه على التواصل الإنساني، والكرم في المصافحة، والاحتضان، والتلازم القديم، والالتقاء مع أبنائه في كل المناسبات. إنها الصورة الحقيقية لسلطان بن عبدالعزيز، التي لا يغيب الجزء الأساسي بها، وهو الإحساس بالآخر، والتواصل معه، ومتابعة أحواله وتسهيل الخدمة التي يحتاجها. وأنا أتأمل الصورة لسموه، وهو يقترب من الشباب الأبطال ويقبلهم، ويحتضنهم، ويتبادلون معه تلك الرغبة الآسرة في التقبيل، والوفاء والاحترام، شعرت أن الصورة في حد ذاتها آسرة، ومبهجة، ومدججة بقوافل الإنسانية. صورة ممطرة بالحب، وأعراس الفرح الذي تفوّق في الهطول وغذّى لحظات جميلة في دواخلنا. مطر من الحب الجميل، كسر حاجز الألم الموجع في دواخلنا بعد كارثة سيول جدة، وحاكى كل تلك الملامح الجامدة التي لا تزال تسكننا. صورة محمّلة بالدفء، والرغبة في الاطمئنان، وقادرة على التحريض للبوح بمشاطرة الإحساس. هو الوفاء المتبادل بين القيادة والمواطن، وإذا استطعنا التحديد، وبين هذا المحارب المدافع عن أرضه. هي الصورة المؤثرة التي قادتنا للتأثر بها، إلى عوالمها دون بوصلة أو طلب. وكل منهما يقبل الآخر، ويتشاطر معه الابتسامة الحميمية والدافئة تشعر أن المدى لامتناه، وأن الحب الحقيقي الذي بثته الصورة هو سيد الكون وهو المنساب من الأعماق ليعيد الاعتبار لتلك اللحظات النادرة التي طالما افتقدناها. عوداً حميداً لسمو ولي العهد، وحمداً لله على سلامته، وتحية لأبطالنا المصابين ودعوات بالشفاء وشكراً على زيارة سموه المحمّلة بالحب، والتي استطاعت تفاصيلها بتلك المشاعر التي تبثها أن تكرس نمو تلك النبتة المزهرة، والتي اعتادت على النمو بطبيعتها، دون استيراد لما قد يساعدها على الركون إلى لحظة البحث عن البقاء في ظل إحساس مقلق.